كثر في الآونة الأخيرة الاهتمام بنبات الشمندر الأحمر، وعجّت وسائل التواصل الاجتماعي بفوائد تناوله طازجا أو تناوله عصيرا يوميا. فعلى سبيل المثال، ذكرت بعض وسائل الإعلام أخيرا أن الشمندر يعد من الركائز الأساسية للتغذية الصحية وأنظمة الحمية الغذائية، ومن الممكن أن يستخدم في علاج فقر الدم واضطرابات الدورة الدموية وعلاج القلب. هذا الاهتمام بالشمندر دفع إلى التساؤل عن مكوناته الكيميائية التي قد تعطيه هذه الأهمية، ولماذا يعزى اللون البنفسجي المحمر المميز له، وهل لهذا اللون علاقة بمركباته الكيميائية وفوائده الطبية؟ الأصباغ النباتية علّقت رئيسة قسم علم النبات في كلية العلوم بجامعة الملك عبدالعزيز في جدة الدكتورة أمل يحيى الظبياني، على جديد الأبحاث الصادرة هذا العام حول الشمندر قائلة: إن النباتات تحوي كثيرا من الأصباغ النباتية، منها الكلوروفيل الذي يكسي النبات اللون الأخضر، إضافة إلى أصباغ الكاروتينويد والانثوسيانين والبيتالين، والأخيرة هي أصباغ نباتية تحوي النيتروجين، وتوجد في الفجوات العصارية للخلايا النباتية. وأضافت أن الأساس الكيميائي لأصباغ البيتالين هو حمض البيتالميك الذي بتكثيفه مع مركب cyclo-DOPA " ل-3،4- داي هيدروكسي-فينيل الانين" ومشتقاته الجليكوسيدية والأمينية، يقود إلى تكوين نوعين من البيتالين هما: البيتاسينين ذو اللون البنفسجي، والبيتازانثين ذو اللون الأصفر. ومن أشهر وأهم المصادر النباتية التي تحوي البيتالين هو نبات الشمندر الذي يعدّ المصدر الرئيس اقتصاديا لهذه الأصباغ النباتية، ويعزى إلى البيتاسينين لون الشمندر البنفسجي المميز. وتعدّ مركبات البتالين محبة للماء، مما يسهل الحصول عليها واستخلاصها من الأنسجة النباتية. فوائد البيتالين تكمن أهمية مركبات البيتالين في أنها مضادة للأكسدة والالتهابات، وتساعد الجسم في التخلص من الجزيئات الحرة المتبقية من عمليات الأكسدة والمضرة بالخلايا التي ربما يقود تراكمها إلى الإصابة بالسرطانات أو الالتهابات المزمنة. إضافة إلى هذه الأهمية الصحية، فإن للبيتالين فوائد أخرى مهمة داخل النبات، فألوانها الزاهية في بتلات الأزهار تعمل على جذب الحشرات، مما يساعد في عملية التلقيح، كما أن لها دورا مهما في علم تصنيف النبات، إذ يقتصر وجودها على رتبة "المشيمات المحورية سابقا" عدا عائلتين نباتية فقط، ويقابلها في المجموعات النباتية الأخرى أصباغ الأنثوسيانين. ويتبادل وجود كل من مركبات البيتالين والأنثوسيانين، إذ لا تجتمع أبدا في نبات واحد، وتعدّ صفة تصنيفيه كيميائية مهمة جدا. وحتى الآن لا يوجد تفسير علمي واضح لتبادل هاتين الصبغتين واختفاء أحدهما في حال وجود الآخر داخل النبات، علما بأنه يتشابه كل من الإنثوسيانين والبيتالين في الوظيفة، ويختلفان في التركيب. كما تتأثر عملية تصنيع البيتالين في الخلية النباتية بعوامل عدة فسيولوجية وبيئية حيوية وغير حيوية. ومن الممكن التحكم في هذه العوامل لزيادة إنتاجية هذه الأصباغ النباتية لأغراض اقتصادية أو طبية.