يقضي سكان المدن الكبرى -ومثال ذلك عاصمتنا الرياض- وقتا طويلا في السيارة، وبين طرقاتها. وأتساءل دائما عن إدارة الطرق وأعداد السيارات والزيادة السكانية وأعمال الحفريات المستمرة، لا سيما مشروع النقل العام، وهي بلا شك نقلة حضارية تسهم في إضفاء مزيد من المدنية والتقدم لهذه المدينة. إن إدارة الوقت على الطرق كذلك له أهمية، وأقصد بإدارة الوقت؛ تحديد مواعيد الذروة التي تشهدها الطرق، وكيف يمكن التعاون ما بين القطاعات المختلفة، والجهات المعنية أصحاب المصلحة، بغية تخفيف هذه الازدحام، ومثاله، أن يتم مثلا تخصيص أيام إجازات أو أوقات دوام مختلفة لإحدى الفئات المجتمع (جامعات- قطاع خاص- بنوك)، وبالتالي سيسهم مثل هذا إذا ما تم استغلاله بشكل إيجابي دون التأثير على الإنتاجية، في تخفيف الازدحام. يوجد كذلك في بعض جهات القطاع الخاص ما يسمى "الدوام المرن"، أي تحقيق عدد ساعات خدمة في اليوم الواحد لكن دون تحديدها بوقت معين، كأن يبدأ الموظف دوامه التاسعة أو العاشرة، ويخرج الخامسة أو السادسة، وهكذا. وأتساءل وكثير ممن يقود السيارات حين يواجهون كثيرا من التحديات، مثلا في محطات الراديو كمثال، ووجود إذاعات مفيدة، وأخرى لا ترقى إلى المستوى أو اللغة الجيدة: لماذا لا توجد إذاعة خاصة على مدى 24 ساعة للمرور؟ لماذا لا تكون مقسمة على أقسام مدينة الرياض جغرافيا؟ تتغير هذه الإذاعة بتغير موقع السيارة، وتكون هنالك معلومات مرورية عن نسبة الزحام، والمناخ، وغيرها من المعلومات المهمة، وتلك المعلومات بعضها متوفر في برنامج جوجل وغيره، يلزم فقط تقديمها بشكل منهجي، وأعتقد أنه سيضيف للمدينة نوعا من الاهتمام والدعم التقني الذي يسهم في تقليل حوادث المرور، فبحسب كثير من الإحصائيات فإن مدينة الرياض لها نسبة كبيرة من الحوادث بحكم المساحة وعدد السكان. إن متوسط ما يقضيه الشخص من وقت داخل السيارة يتراوح بين ساعتين إلى أربع ساعات يوميا، وبالتالي على مدى 14 ساعة على مدى أسبوع، وتقريبا 60 ساعة في الشهر. هذا رقم كبير جدا وله تأثيره على صحة الإنسان الجسدية والنفسية، وهذا يؤكد على ضرورة الاهتمام بصحة الإنسان النفسية والجسدية، لأن كثيرا من السلوكيات على الطرق هي ليست فعلا بحد ذاتها، بقدر ما هي ردود فعل بسبب الأرق والزحام والصعوبات التي تواجه السائق. يقطن في منطقة الرياض مثلا حوالي سبعة ملايين، وبالتالي نحن نتحدث تقريبا عن خمسة ملايين سيارة في مساحة مدينة الرياض 1,435 كلم2، وبالطبع فإن مثل هذه القضية تستدعي التوقف أمامها، والتي يمكن النظر إليها والعمل على برامج لتحسينها، ولهذا فإن الإدارة المرورية تؤثر في الصحة النفسية والاجتماعية على المواطنين، خاصة في المدن الكبرى، ولذا فإن أي هيئة حكومية معنية يجب أن تأخذ القضية بعين الاعتبار وتلتفت إلى هذه الفكرة.