خرجت علاقة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود مع الصحافة والصحفيين على مر العقود الأربعة الماضية من المفهوم السائد لعلاقة أي مسؤول بالإعلام، إلى خصوصية يسودها الود والتفاهم والنقاش البناء، لتشهد هذه العلاقة ولادة مسمى "صديق الإعلاميين". وكان الملك سلمان بن عبد العزيز ومازال علامة فارقة في تاريخ الصحافة السعودية منذ شبابه المبكر، فقد كان لعشقه للقراءة ومتابعته الدقيقة لكل ما يطرح في وسائل الإعلام، والتواصل مع الكتاب والصحفيين أثرا إيجابيا في تحري الدقة والموثوقية وصحة المعلومات، قبل أن تقع تحت ناظري رئيس التحرير الناقد كما أحب أن يسمي نفسه في عدد من اللقاءات التي تجمعه بكتاب وصحفيين. هذه العلاقة التاريخية التي طالما احتفى بها الملك سلمان بن عبد العزيز مع الصحفيين، عكست بشكل جلي تقدير الرأي، والتوجيه البناء والدعوة إلى تحري المصداقية، واحترام الكلمة، وأولوية البناء وتعزيز الوعي في المجتمع وترسيخ الوحدة والانسجام، فضلا عن أن هذه العلاقة تكشف اهتمام الملك سلمان بن عبد العزيز بالإعلام والإعلاميين، وإيمانه بالدور الإعلامي ومنحه آفاق الحرية والإبداع ضمن إطار عام يرتكز على مبادئ الشريعة الإسلامية وحب الوطن والسعي إلى تعزيز لحمته والارتقاء بكل مكوناته. ولم يقف اهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز عند حدود الإعلام التقليدي، فهو من أوائل المسؤولين الذين وضعوا لهم موطئ قدم في مواقع التواصل الاجتماعي وفتحوا نافذة تواصل حديثة للاستماع لأفراد الشعب عموما والتواصل معهم والاستماع إلى همومهم عن قرب، عبر حسابه على موقع "تويتر"، الذي شكل نافذة جديدة في تواصل الملك سلمان مع المجتمع. وحول علاقة خادم الحرمين الشريفين بالصحافة، قال رئيس تحرير صحيفة الحياة جميل الذيابي إنه منذ أن كان أميرا لمنطقة الرياض وعلاقته بالصحافة والصحفيين علاقة تسودها الصداقة، إذ يوصف في الوسط الإعلامي بأنه صديق الصحفيين، فيما كان يتابع باستمرار ما يطرحه الكتاب والصحفيون، وكان على تواصل دائم بهم. من جهته وصف رئيس مجلس إدارة جمعية الثقافة والفنون سلطان البازعي علاقة الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود بالإعلام والإعلاميين بالمتينة والإيجابية، والتي شهدتها العقود الماضية منذ أن كان أميرا لمنطقة الرياض، حيث كان طوال تاريخه يدرك قيمة الإعلام في دفع عجلة التنمية، بل كان وما زال يولي اهتماما خاصا بالإعلاميين، سواء بحرصه الدائم على تزويدهم بالمعلومات أو دعمهم وتنمية إمكاناتهم. وذكر البازعي أن الملاحظ في اهتمام الملك سلمان بما تنشره الصحافة، أنه لا يمارس دور الرقابة الصارمة، ولم يكن يناقش الصحفيين من منطلق المسؤول، بل يشاركهم فيما يطرحون ويدعوهم لتقديم الحقائق، حيث كان يقول: "من حقي عليكم كقارئ أن تقدمون لي حقائق صحيحة"، وأضاف البازعي أن هذا المنطق كان يحرج كثيرا من الصحفيين والكتاب، ما يجعلهم يضعون في حساباتهم أن الملك سلمان سيطلع على ما يكتبون، ويدركون كذلك أن إطلاعه سيكون على دقة المعلومات التي يطرحونها، وليس السماح بنشرها من عدمه. وقال البازعي إن كثيرا من الكتاب والصحفيين السعوديين وغير السعوديين، يفاجؤون من وقت لآخر، عند مقابلتهم للملك سلمان بن عبدالعزيز، بأنه قرأ مقالاتهم وأحدث ما كتبوا، ويناقشهم في تفاصيل ما يطرحون من مقالات وتقارير وغيرها من الفنون الصحفية، فيما عُرف عن الملك سلمان بن عبد العزيز أنه لا يعتمد على ما يقدم له من تقارير حول ما يكتب بالصحف، لكنه يقرأ شخصياً وبشكل يومي ما يكتب في الصحف المحلية جميعها وكثير من الصحف العربية وما يطرح في وسائل الإعلام كافة، فيمكن وصف علاقة الملك بالقراءة بالبرنامج اليومي الدائم المفتوح على مختلف حقول المعرفة. وهنا أشار الذيابي إلى أن الملك سلمان بن عبد العزيز متابع دقيق لجميع ما يطرح في الصحف، مستشهداً على ذلك بسؤال الملك له أثناء زيارته له عندما كان أميراً لمنطقة الرياض عن التتمات في الصحيفة، مضيفا في ذات الوقت: "الملك سلمان كان يصحح ما يورده بعض الكتاب من معلومات غير دقيقة، فكثيراً ما يجري اتصالات بكتاب وصحفيين لإيضاح الصورة بشكل أشمل، وكان يتواصل معهم بلغة تشبه لغة الصحافة، التي يعرفها جيداً من مضمونٍ للعنوان والنص ومتن الخبر، كما أنه يحرص دائماً على تزويد الصحفيين بالمعلومات الجديدة، فلم يسأل يوماً عن موضوع ما بشكل شخصي ولم يجب عن ذلك، فإما أن ينفيه أو يثبته". وأكد الذيابي أن اهتمام ودقة الملك سلمان في متابعته وقراءته للصحف، يحفزان الصحفيين والكتاب ويدفعانهم إلى التوثيق ومراعاة المصداقية والموثوقية في كتابة خبر أو طرح موضوع ما حول أي قضية أو ظاهرة معينة، حيث يضع هذا الكاتب أو ذلك الصحفي في الحسبان أن هناك شخصا يقرأ ما بين التفاصيل ولديه معرفة كرجل دولة بالقرارات وتوجهات الدولة. وحول اهتمام الملك سلمان بالمؤسسات الإعلامية قال البازعي إن المؤسسات الإعلامية حظيت باهتمام شخصي من لدن الملك سلمان بن عبد العزيز، فقد كان يتابع أوضاعها ويعرف كثيرا من التفاصيل عنها والعاملين فيها من صحفيين أو كتاب أو رؤساء تحرير، مشيراً إلى أنه يعد مرجعا موثوقا في أحوال الإعلام السعودي، حيث كان الملوك يعتمدون عليه في معالجة الكثير من القضايا الإعلامية في وقت توليه إمارة الرياض، فهو المستشار المقرب من الملوك سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله -رحمهم الله جميعا، فضلاً عن كونه صاحب رأي أيضاً في كثير من الأمور التي تتعلق بتطوير المؤسسات الإعلامية وتطوير إمكاناتها. وعن تجربة سلطان البازعي الشخصية مع الملك سلمان، قال إنه فوجئ ذات مرة بأحد المناسبات الرسمية، وكان توقيتها في الصباح، بمناقشة الملك سلمان بن عبد العزيز له وبالتفاصيل حول مقال كتبه ونشرته صحيفة الرياض في يوم المناسبة ذاته، إلا أن البازعي لم يكن على إطلاع بنشر المقال في ذلك اليوم.