شيعت العاصمة المقدسة ظهر أمس شاعر "العامية" الكاتب الصحفي محمد النفيعي، الذي انتقل إلى رحمة الله بعد معاناة استمرت سنوات مع المرض، بدأت منذ إصابته بجلطة دماغية عام 2006. وعرف النفيعي الذي ولد ونشأ في مكةالمكرمة وانتمى إلى سلك التدريس في التعليم، كأحد أبرز الأسماء التي سعت إلى كتابة قصيدة شعبية برؤى وأفكار وقوالب جديدة، سواء على مستوى السعودية أو على مستوى الخليج، أواخر ثمانينات القرن الماصي، وهي تلك التجربة التي عززها باشتغاله في الصحافة وتحريره صفحات معنية بالشعر الشعبي "العامي" والموروث في صحف عدة. وقال الشاعر والروائي عواض العصيمي، أحد مجايليه في تلك الحقبة: حين عمل النفيعي في صحيفة البلاد محررا لصفحة "مواسم" الشعبية أضفى عليها من لمساته الصحفية والشعرية ما أهلها لأن تشارك على نحو ما في عملية تجديد القصيدة التي كانت متوهجة في فترة الثمانينات عبر عدد من الشعراء الشباب، وكان الشاعر محمد أحدهم. وفيما أبدى الروائي الزميل صلاح القرشي أسفه وحزنه الكبير على رحيل النفيعي، وصفه بأنه إحدى العلامات الفارقة في مسيرة القصيدة الشعبية الحديثة. وقال العصيمي عبر صفحته في فيس بوك:كان إذا كتب قصيدته حدثت مودة جمالية بينه وبين اللغة، ليس فحسب على صعيد كتابة القصيدة وإنما أيضا على صعيد ما يعيشه لحظة الكتابة، كان بطريقة ما يستغل حضور القصيدة ليعبر عن مدى امتنانه للغة بتذوقها في شكل عميق فيما هو ينشئ النص، إنها علاقة حميمة أشبه بالتعاطي الصوفي مع الأشياء الماكنة في الذات. أذكر أن نقاشا حول هذه النقطة دار بيننا ذات مرة، وكان لحظة دخوله في وصف الحالة يتحدث بما يقترب من وصف حالة العاشق بالمعشوق: أغلى طموحي كتابة شعر يشبهني وجهي قوافيه بحة صوتي ألحانه". وتوقف العصيمي عند وعي النفيعي باللغة، موضحا بقوله: من قرأ مقالاته يلحظ اهتمامه الجميل بإعطاء اللغة الفصيحة حقها من التشكل تحت أصابعه دون تشوهات لغوية أو نتوءات إملائية أو نحوية منفرة. كانت قصيدته تمر عبر احتفائه باللغة فتأتلق بفيوضات هذا الاحتفاء فتُقرأ جماليا كما تقرأ على مستوى المضمون. يشار إلى أن أسرة الراحل بدأت منذ مساء أمس تلقي التعازي في مقرهم بحي الملاوي في مكةالمكرمة.