تواصل اللهجة العامية وهي إحدى الجوانب المشكّلة للغة الفصيحة والتي زادت قطيعتها معها من خلال الرفض المستمر وغير الواعي لتاريخ اللغة وجذور نشأتها تواصل حضورها (كنمط شعبي جديدي) في الروايات العربية وهو حضور يفرض نفسه ويحقق معناه من خلال الحاجة الفعلية التي يكتشفها الكاتب أثناء صياغة عمله لتلك اللهجة أو أداة التعبير التي يمكنها أن توصل مضموناً ما إلى القاريء بطرق أسرع وأكثر ملامسة لروحه "وهذا يبدو ملحوظاً على نحو خاص، لدى بعض روائيي جيل الستينيات في مصر؛ أي أولئك الذين بدأت إصداراتهم الروائية في الستينيات مثل: عبد الحكيم قاسم، ومحمد يوسف القعيد، وصنع الله إبراهيم. وهناك بعض الأعمال الروائية التي طغى عليها الإيقاع الشعبي وكان مشكّلاً لوجودها، لغة ونبضاً " ويبدو أن لريادة الكاتب المصري الشهير عبدالرحمن الشرقاوي (1920- 1987)، في روايتيه: "الأرض" (1953)( )، و"الفلاح" (1968)، دوراً في هذا النمط من الاحتفاء باللهجة العامية، وخصوصاً أن "الأرض" كانت العمل الروائي المصري الأول، الذي جعل من القرية وعلاقاتها ومشكلاتها موضوعاً رئيساً له. "وهذا مايمكن أن يفسر وبكل وضوح صيغة الحضور العميق للحياة الشعبية في الإبداع، سواء من خلال اللغة (اللهجة) أو من خلال المادة أو الحالة المكانية التي يصنع منها العمل الروائي وجوده." فلقد وعى الروائيون العرب عموماً –على ما يبدو- هذه القضية، مع وعيهم لخصائص العربية الفصحى ( جمالياتها، طاقاتها التعبيرية، إمكانية تطويعها للخصائص السردية وعناصر النص الروائي المختلفة ). وهذا ما يفسر لنا أن رواية عربية وحيدة –على حد علمنا- قد اختارت اللهجة العامية أداةً مطلقة لها، وهي رواية الكاتب المصري الدكتور لويس عوض "مذكرات طالب بعثة"، التي صدرت عام 1949 باللهجة المصرية " وهذا مانراه أيضا في معظم روائاتنا المحلية وبعض الروايات التي تصدر في المغرب العربي، ممايؤكد حتمية العلاقة أو الإيمان الضمني بقدرة الخلية الشعبية على بناء الجسد الإبداعي، سواء كان روائيا أو شعرياً. وقد انتبه النقاد إلى ذلك ولم يتمكنوا من إيجاد تفسير لهذه النظرة المزدوجة لعلاقة العامية باللغة الفصيحة، ولعلهم دعوا من خلال نظرتهم المرتبكة هذه إلى تبسيط الفصحى في الحوارات أو تفصيح العامية أو اعتماد العامية مع الأخذ بالاعتبار مسألة التفريق بينهما في المضاجع!!