مع بدء عمل محاكم الأحوال الشخصية بمناطق المملكة الأسبوع الماضي، أصدرت محكمة الأحوال الشخصية بجدة حكما يقضي بتزويج فتاة ثلاثينية، وإسقاط الولاية عن والدها، بعد أن ثبت لها أنه رفض تزويجها أكثر من 10 أعوام دون مبرر. وعلمت "الوطن" من مصدر قضائي مطلع أن فتاة ثلاثينية تعمل في إحدى الجهات الحكومية تقدمت لمحكمة الأحوال الشخصية بدعوى ضد ولي أمرها مدعية أنه قام بمنعها من الزواج أكثر من 10 أعوام دون أن يكون لديه مبرر واضح سوى الحصول على راتبها. وأضاف أن "الفتاة ذكرت أن الأب برر رفضه تزويجها بأنه يريد لها عريسا من قبيلتها، وطالبت من القاضي إنصافها، وإسقاط الولاية عن ولي أمرها، وتزويجها من شخص تقدم لها ورفض من قبل والدها، فقام القاضي بالبحث والتقصي، وتيقن من صدق الفتاة، ومن أن المتقدم للفتاة موظف في أحد القطاعات الخاصة، وذو سمعة جيدة، وحسن الخلق، ولديه دخل مادي، فحكم بإسقاط الولاية عن الأب، وتزويج الفتاة من الرجل المتقدم لها". من جهته، قال المحامي والمستشار القضائي الدكتور طارق آل إبراهيم ل"الوطن" إن "منع الفتيات من الزواج من قبل أولياء أمورهن يختلف من حالة إلى أخرى، ففي بعض الحالات تصر الفتاة على الزواج من رجل، بسبب علاقة سابقة بينهما، ولكنه غير مناسب لها نتيجة سوء خلقه، أو لأنه غير مقتدر ماليا، أو عاطل، فالأب لديه نظرة ثاقبة تختلف عن الفتاة فيرفضه". وأضاف أنه "في حال رفض الأب، من المهم السؤال عن الأسباب، وهل له سوابق في رفض تزويج بناته الأخريات من قبل، أو يوجد في الأسرة أحد الأقارب من الأعمام سبق أن قام بعضل بناته، كذلك لا بد من معرفة هل الرفض لأسباب مشروعة أو غير ذلك، فهناك أسر تصر على تزويج بناتها من نفس القبيلة، وهنا لا بد من الحكم بالتعزيز على ولي الأمر". وأوضح آل إبراهيم أن "الولاية وضعت في يد الأب أو الأخ لكي ينظر كل منهما فيما هو أصلح للفتاة، ففي حال تقدم شخص مكتمل، وليس فيه عيب شرعي، وجب على الأب تزويجها، أو يدخل في دائرة العضل"، مشيرا إلى أن قضاة الأحوال الشخصية لديهم دراية وخبرة واسعة في التعامل مع هذه الحالات، ولا يتم إسقاط الولاية من ولي الأمر إلا بعد بحث وتقص دقيق. وأكد المستشار القضائي أن "قضايا منع الفتيات من الزواج أصبحت قليلة، لوجود التشريعات الجديدة التي ساهمت في تقليلها، وتنامي الوعي في المجتمع، حيث أصبح أولياء الأمور أكثر فطنة وتعقلا من قبل، ولا نجدها إلا لدى الذين يتمسكون بالعرف القبلي الذي يقضي بعدم تزويج الفتيات إلا من أبناء القبيلة، أو في حالات استغلال للفتاة بالحصول على راتبها".