أرجع باحث قلة العلماء الموسوعيين في العصر الحالي، على غرار ابن حزم، مستشهدا به كموسوعة في مختلف العلوم، إلى حلقة مفقودة بين الفقه المعزول عن حركة الثقافة. وقال نائب رئيس الجمعية السعودية للدراسات الطبية والفقهية الدكتورعبد الرحمن الجرعي، في محاضرة عن (أسمار الفقهاء) استضافها نادي أبها الأدبي ضمن برنامجه الصيفي الرمضاني إن أبا حنيفه كان له مذهب في مداراة أهل الهجاء من الشعراء مثل مساور الوراق والشافعي مع العباس الأزرق واستشهد بالأبيات التى هجت الأئمة. لافتا خلال المحاضرة التي أدارها عضو مجلس الإدارة إبراهيم مضواح، إلى مشاركة الأدباء في مجالس السمر (ومنهم عبد الوهاب بن نصر المالكي مع أبي العلاء المعري) وقد قدم بعد أن ضاقت به الحال من العراق إلى مصر. وتحدث عن مناكفة العلماء مثل ما حصل بين ابن حجر العالم الموسوعي وابن عبد البر وكان له موقف من الظاهرية ورغم اختلافهم، كان لهم اتصال وكل منهما يأخذ من الآخر. كما أضاف: إن من أعظم علماء الجزيرة العربية عالم اليمن محمد بن علي الشوكاني وهو عالم في الحديث والفقه واللغة والتاريخ وكان ظاهرة غريبة تحلو في السمر. الجرعي كان قد استهل محاضرته بقوله: اخترت "سمر الفقهاء" لكن النادي اختار "من أسمار الفقهاء" والسمر هو ما ياتي مع العشاء وبعد العشاء، ثم بدأ استعراض جوانب من شخصيات الأعلام. وبينما وصفه مضواح في تقديمه: ضيفنا مُحبٌ للمرح، متواضع في بساطة. يعيشُ حياتَه بعفوية، لا يتكلَّفُ الوقار، فقد عافاه الله مما يسميه الطنطاوي: "صناعة المشيخة". وقال مضواح مسامرتنا هي حديثٌ عن مجالس الفقهاء، ومسامراتهم، التي يختلط فيها الفقه بالأدب، والجدُّ بالهزل، فقد منح الفقه أكثرهم مساحة واسعة من الحياة، حين علموا الحدَّ الفاصل بين المسموح والممنوع، ففي حين لا نرى من أكثر علماء الشريعة إلا الوجه الجاد، فإن كتب التراجم والسير تزخر بملامح أخرى، من الأدب والنباهة وخفة الظل، حتى أننا نجد بين أيدينا كتباً عن أدبهم، من مثل: أدب الفقهاء لعبدالله كنون، وغزل الفقهاء لعلي الطنطاوي، والإلمام بغزل الفقهاء الأعلام لغازي القصيبي.