أثار مختصون جدلا حول ضرورة تطوير الفنون الشعبية، ذاهبين إلى أنه لا خيار عن ذلك، بينما اعترض آخرون، منطلقين من رؤية أن التطوير، سواء في الألحان أو الآلات المصاحبة لهذه الفنون هو هدم للموروث الذي تعاقبت عليه الأجيال، وجاء هذا الاختلاف عقب مناسبة أخيرة في محافظة رجال ألمع اختلط فيها الحابل بالنابل ودخلت الآلات الموسيقية ك "العود"، و"الأورج"، ما أدى إلى تحجيم الشاعر الشعبي الذي كان يقول كلماته ويستمر في تلقين السمار بهذه الكلمات، حيث ظهر البديل أو الشاعر المنشد على أنغام الموسيقى والدفوف. الشاعر الشعبي صالح سليمان عسيري قال ل"الوطن": تطوير الفنون الشعبية والموروث على وجه العموم أصبح ضرورة سواء بإدخال الموسيقى وغيرها. واعترف عسيري بأن الموسيقى كانت دخيلة على فنوننا الشعبية، لكنها أخذت مكانها في الآونة الأخيرة في الحفلات والمناسبات الخاصة لوهجها وحضورها مستشهدا بالمثل الشعبي "كل حزة لها لبوس"، مشيرا إلى أنه من الشعراء الشعبيين المنتمين للجيل القديم ويميل إلى الموروث الشعبي الخالي من الأدوات الموسيقية، مستدركا بأن التأقلم مع الحاضر لا بد منه، وعلينا أن نمزج الحاضر بالماضي ونطور الموروث فالتطوير مهم جدا لكونه لا يقبل السكون، فالآلات الموسيقية كالعود "والأورج " وغيرها إضافة إلى "الإيقاعات" لها التأثير الإيجابي في عودة الجيل الجديد إلى موروثهم وممارسة فنونه الشعبية ك"الخطوة" و"الدمة"، و"الربخة"، وعلينا أن نؤمن بأن هذا الحضور الكبير للجيل الجديد والتصاقهم بفنونهم الشعبية كان بسبب الآلات الموسيقية، ومشاركة الشباب في ألوانهم الشعبية تخلق لهم تعويضا مقنعا عن ممارستهم الفنون الغربية المستوردة ك "الراب" و"الجاز"، وغيرها وتشجعهم على ممارسة فنونهم الأصيلة التي أوشكت على الاندثار، وهذا التجاوب من الجيل الجديد يحسب للفن الموسيقي. ورفض العسيري الغناء في المناسبات، مخاطبا الشعراء بقوله: عليهم أن يتركوا الغناء ويتجهوا إلى الكلمات التي يبنى عليها الموروث الشعبي. أما الشاعر عبد الرحمن الزيداني فيقف معارضا قائلا: أرفض دخول الموسيقى على الفن الشعبي، وهذا التطوير ليس إلا هدما للموروث وطمسا للإحساس بالكلمة الشاعرة، فالشاعر يقول كلماته ويستمر في تلقينها للسمار حتى الحفظ، أما وقوف الشاعر وترديده لكلماته طوال الوقت دون أن يعيها ويتعرف على معانيها وتورياتها، أجزم بأنه تحجيم للشاعر الشعبي، وبالنسبة للآلات الموسيقية فهي دخيلة على فنوننا الشعبية، وموروثنا وصل إلينا من الأجيال السابقة ونحن استسغناه بآلاته كالدفوف، ومتأكد بأن جيلنا الآن سيتأثر سلبا بهذه الآلات الموسيقية وسيفقد إحساسه بالكلمة. وبسبب الآلات الموسيقية يشعر الزيداني بالغربة، ويعبر عن ذلك بقوله: أنا الآن معزول عن هذه الفنون ولم أستطع المشاركة أو إيجاد كلمات لهؤلاء السمار بسبب الصخب ووجود هذه الآلات، لا أستطيع التعامل مع الآلات الموسيقية.