جلب عام 2013 وبداية عام 2014 مستوى من الطاقة لم تعرفها الصناعة الجديدة منذ زمن طويل. حتى مع استمرار التحديات خلال السنوات الماضية وظهور تحديات جديدة، خلقت النشاطات هذا العام إحساساً جديداً بالتفاؤل لمستقبل الصحافة الأميركية. وقد دخل اللاعبون الرقميون بقوة إلى المشهد الإخباري، وجلبوا معهم معرفة تقنية ورؤوس أموال تغري المواهب المتميزة. كثير من هذه الشركات الرقمية كانت ناجحة قبل أن تدخل مجال الإعلام، وهي تستثمر جزءاً من أرباح عملياتها الأخرى لتساعد مشاريع الأخبار الرقمية على الانطلاق بقوة. يقول تقرير نشره "مركز بيو للدراسات والدراسات": إن هناك أنواعاً جديدة من الاستثمارات تدخل إلى عالم الإعلام الإخباري أيضاً، مثل الاستثمارات الشخصية لبعض الأثرياء المعروفين في مجال التكنولوجيا، لكنهم لم يعملوا من قبل في مجال الإعلام الإخباري. وقد جلب معه هذا العام مزيداً من الأدلة على أن الأخبار جزء من الانفجار الذي يشهده الإعلام الاجتماعي والأجهزة النقالة، وهي قد توفر بشكل ما الفرصة لإيصال الأخبار إلى عدد قياسي من الناس. نصف الذين يستخدمون "فيسبوك" يحصلون على الأخبار هناك مع أن غايتهم لم تكن كذلك. الشيء نفسه صحيح في مجال الفيديو على الإنترنت. نصف الذين يشاهدون فيديو على الإنترنت يشاهدون مقاطع فيديو إخبارية أيضاً. وفي كلا الحالتين يشكل الشباب النسبة الأعلى من الذين يشاهدون الأخبار على هذه المواقع الاجتماعية. وقد وفَّرت هذه الصناعة عدداً لا بأس به من فرص العمل، حيث تشير الإحصائيات الأولية إلى أن 5000 مهني متخصص يعملون بدوام كامل في 500 موقع أخباري رقمي في الولاياتالمتحدة، ومعظم فرص العمل هذه جاءت في السنوات الخمس الأخيرة. لكن الغالبية العظمى من الهيئات التي تقدم تقارير إخبارية أصلية لا تزال تأتي من صناعة الصحف، والعمل في هذه الصحف أكثر أمناً بكثير من العمل في مجال الأخبار الرقمية. لقد تراجع التوظيف في مجال تحرير الأخبار بنسبة 6.4% في عام 2012 وهناك خسائر أكبر في 2013. من ناحية ثانية، لا تزال الإعلانات التقليدية من الصحف الورقية والتلفزيون توفَّر أكثر من نصف الإيرادات التي تدعم الأخبار، مع أن الإيرادات من الإعلانات في الصحافة الورقية تتراجع بسرعة. في الأخبار الرقمية، التداخل بين العلاقات العامة والأخبار في تقرير العام الماضي حول حالة الإعلام الإخباري أصبح أكثر وضوحاً. أحد أكبر مجالات تجارب الدخل يتعلق حالياً بمحتوى المواقع التي يدفع تكلفتها المعلنون التجاريون وتوضع على صفحة الأخبار بطريقة تجعلها في بعض الأحيان تبدو وكأنها خبر عادي. الإعلان المحلي حقق تقدماً سريعاً في 2013. وبدأت صحيفة واشنطن بوست الأميركية بتخصيص موظفين لهذا النوع من الإعلانات، ويتوقع المختصون أن الإنفاق على الإعلان المحلي سيصل إلى حوالي 3 مليارات دولار في 2014. وعلى الرغم من وجود أدلة على استهلاك الأخبار من قِبل مستخدمي موقع فيسبوك، تبين آخر دراسات مركز بيو أن هؤلاء المستهلكين لا يستخدمون مواقع الأخبار بشكل مكثف. أحد أهم الأخبار في 2013 كان قيام إدوارد سنودن بتسريب وثائق من وكالة الأمن القومي، وقد سلط هذا الخبر الضوء على مجال آخر من الصحافة في العصر الرقمي: سهولة الوصول إلى المحتوى المنشور على الإنترنت. هذا يهدد أمن اتصالات الصحفيين وقدرتهم على إقناع مصادرهم بكشف معلومات لهم، وتداعيات ذلك أن بعض الأخبار قد لا تصل إلى الصحافة ولا يعرفها المستهلك. في العام الماضي أشار تقرير حالة الإعلام الإخباري إلى استمرار تراجع الإعلام وتأثير ذلك على المحتوى وعلى رضا الجمهور. وتقرير هذا العام درس التحولات في الإيرادات وفرص العمل والتكنولوجيا وسلوك المستهلك، وأخذ بعين الاعتبار توسيع الصناعة وزيادة نفوذ التكنولوجيا. ويتضمن تقرير هذا العام نتائج أربع دراسات أصلية وعرضيْن بيانييْن، ومن هذه النتائج تظهر ستة توجهات رئيسية: 1- 30 من المؤسسات الإخبارية الرقمية في الولاياتالمتحدة وفرت وحدها 3,000 فرصة ومجالاً استثمارياً واحداً هو التغطية الإخبارية. مؤسسة (فايس ميديا) لديها 35 مكتباً خارج الولاياتالمتحدة؛ هوفنجتون بوست تأمل في التوسع إلى 15 دولة من 11، هذا العام. يأتي هذا وسط تراجع في التغطية الخارجية من الإعلام التقليدي. الوقت المخصص لتغطية الأخبار الخارجية على الهواء في نشرات الأخبار المسائية كان أقل من نصف الوقت الذي كان مخصصاً في الثمانينيات من القرن ال20 للغرض نفسه. عدد الصحفيين الأجانب الذين يعملون في الصحف الأميركية تراجع بنسبة 24% عما كان عليه في 2003-2010. 2- حتى الآن، تأثير رأس المال الجديد الذي يتدفق على الصناعة قد يكون لأهداف تتعلق برعاية طرق جديدة من توصيل الخبر والوصول إلى الجمهور أكثر منه لبناء هيكل إيرادات جديد مستدام. 3- التطورات الاجتماعية والنقالة تؤدي وظيفة أكثر من مجرَّد تشجيع مستهلكين جدد على الانضمام إلى العملية – فهي تقوم أيضاً بتغيير طريقة تحرك العملية نفسها. تشير البيانات المتوافرة إلى أن 50% من مستخدمي الشبكات الاجتماعية يشاركون أو يعيدون نشر الأخبار أو الصور أو مقاطع الفيديو، فيما يناقش حوالي 46% القضايا التي ترد في الأخبار. 4- الطرق الجديدة لتوصيل الأخبار تجلب معها آفاقاً وتحديات جديدة في الوقت نفسه. إحدى مجالات التوسع في عام 2013 كانت في مجال الفيديو الإخباري، حيث ارتفعت إيرادات الإعلانات المرتبطة مع الفيديو الرقمي بشكل عام بنسبة 44% خلال الفترة 2012-2013 ويتوقع أن تستمر في النمو. 5- شهد التلفزيون المحلي، الذي يصل إلى حوالي 90% من البالغين في الولاياتالمتحدة، تغييراً كبيراً في 2013، وهو تغيير لم يلحظه كثيرون. حوالي 300 محطة تلفزيون محلية انتقلت ملكيتها من مالك لآخر في 2013 بقيمة وصلت إلى أكثر من 8 مليارات دولار. عدد المحطات التي تم بيعها شهدت زيادة بنسبة 205% عما كانت عليه في 2012 وقيمتها ارتفعت أيضا بنسبة 367%. أحد الأسباب الرئيسية لهذه الصفقات هو ارتفاع الرسوم التي تستطيع المحطات المحلية أن تفرضها على الشركات الخاصة التي توفر خدمة تلفزيون الكابل (Cable TV). 6- التغييرات الكبيرة التي تحدث حالياً في مكونات سكان الولاياتالمتحدة سيكون لها أثر على الأخبار في الولاياتالمتحدة. عدد الأميركيين من أصول إسبانية (Hispanic Americans) زاد بنسبة 50% في الفترة ما بين 2000-2012، حيث وصل إلى 53 مليون شخص. معظم الزيادة جاءت نتيجة الولادات في الولاياتالمتحدة أكثر منها بسبب وصول مهاجرين جدد. لذلك بدأ كثير من شركات الإعلام الكبيرة – مثل (ABC، NBC، FOX) وغيرها - بتقديم خدمات أخبار تتعلق بهذه الفئة من الأميركيين. ومع استمرار التحولات الديموغرافية في الولاياتالمتحدة، سيستمر تأثيرها أيضاً على صناعة الأخبار.