تأثرت الصحافة بعد ظهور الإعلام الرقمي والإنترنت في شكل عام، بحكم توجه معظم الاستثمارات والجمهور إلى هذا النوع من الإعلام. وفي العالم العربي تختلف الاستجابة للتأثيرات الاقتصادية مقارنة بدول العالم الأخرى بالنظر إلى الظروف الاقتصادية والتقنية التي تحيط بالمنطقة. ويمكن تلخيص الأثر الاقتصادي لوسائل الاتصال الحديثة في الصحافة من خلال نسب التوزيع والاشتراكات والدخل الإعلاني والقوى العاملة والاشتراكات الإلكترونية (Pay wall). وهبطت نسب التوزيع لغالبية الصحف في العالم، ومنها الصحف العربية على رغم توجه البعض للنسخ الإلكترونية التي لا تزال في الغالب مجانية، ما يؤثر اقتصادياً ومالياً على الصحف، لاسيما أن توزيع الصحف على مستوى العالم انخفض بنسبة 0.9 في المئة العام الماضي مقارنة بالعام 2012 (سكاي عربية 2013). وبدأت أسعار الاشتراكات تتهاوى وبنسب كبيرة، وهو ما اتضح جلياً في الصحافة السعودية التي نزلت فيها أسعار الاشتراكات دون 100 ريال على عكس السابق حينما كانت تتراوح أسعارها بين 400 و600 ريال. ويشير استطلاع لآراء أكثر من 500 قارئ في السعودية والإمارات إلى أن نحو 76 في المئة توقفوا تماماً عن قراءة الصحف المطبوعة واستبدلوها بالمحتوى الإلكتروني (ميرفي 2012). بينما يلفت تقرير صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر إلى أن إجمال عدد النسخ الموزعة للصحف العامة محلياً وخارجياً تراجع بنسبة 6.8 في المئة عام 2011 مقارنة بعام 2010، إذ بلغ عدد النسخ 9.920 مليون نسخة عام 2011 في مقابل 10.07 ملايين نسخة في 2010. لكن يجب النظر إلى أن التأثير الاقتصادي على العالم العربي في الصحافة والنشر أقل من نظيره في بعض دول العالم، لعوامل تشمل الدعم الحكومي ونسب الفقر في بعض الدول والفجوة التقنية كذلك في بعض الدول. القوى العاملة والاشتراكات الإلكترونية يقدر أن تلعب القوى العاملة في الصحافة العربية تحدياً لبعض الصحف لاسيما وأن الصحافة العالمية تشهد تراجعاً في حجم العاملين فيها بسبب توجه الصحف للمنصات الإلكترونية، وإغلاق بعض الصحف والضغوط الاقتصادية الأخرى جراء تراجع نسب الإعلان والتوزيع. كما أن عنصر القوى العاملة سيشكل صعوبة لبعض الصحف التي لديها منصات رقمية من خلال توفير القوى العاملة التي لديها القدرة والمهارة الكافية للتعامل مع التقنية في ظل محدودية الكفاءات المدربة وحدودية البرامج التطبيقية والتعليمية التي توفر طاقات بشرية قادرة للتعامل والإنتاج في مجال الصحافة بشكلها الجديد. ومن ضمن المؤشرات التي من الممكن أن تؤثر في هذا المجال أيضاً توجه بعض الصحافيين للعمل الفردي في الصحافة الإلكترونية أو المنصات الإعلامية المختلفة التلفزيونية والإذاعية بفضل توجه الجمهور إلى الفضاء الرقمي وشبكات التواصل الاجتماعي. وتعِد «الاشتراكات الإلكترونية» أخيراً بهجرة جمهور قراء الصحف إلى المنصات الإلكترونية المختلفة، ومنها النسخ الإلكترونية التي تصدرها الصحف، كما أنها خطوة تهدف إلى تعزيز مداخيل الصحف، نظراً إلى هجرة الجمهور إلى هذا النوع من استهلاك الصحف. ومن باب أن بعض صحف العالم لم تنجح في تطبيق هذا المفهوم وبعضها لم يحقق العوائد المجزية منها، فإنه يتوقع أن تطال هذه التأثيرات الصحف العربية التي لم تطبق هذه الفكرة حتى الآن، لعوامل تقنية وعوامل مستوى داخل بعض الشعوب والدعم الحكومي والسياسي لبعض الصحف. لكن المؤشرات توحي بأن تطبيقها سيشكل صعوبة اقتصادية جديدة في الوقت الراهن في ظل توفر المحتوى الإلكتروني المجاني وعدم رغبة الكثير بالدفع في مقابل متابعة الصحف إلكترونياً. ويشير تقرير «بوز آند كومباني» لعام 2011 حول الأخبار الرقمية، أن الصحف والمجلات العربية تحتاج إلى أن تفكر بعمق في ما تستطيع أن تقدمه للقراء إضافة إلى المحتوى، كي تقنع المستخدمين بالدفع في مقابل الاطلاع على الصحف إلكترونياً، وهذا يتطلب تجديداً حقيقياً للمنتجات في العالم الرقمي ونماذج جديدة للتسعير لم يفكر بها سوى عدد محدود من الصحف والناشرين حتى الآن، وهو ما حدث غالباً في الصحافة العالمية. ويضيف التقرير أن استطلاعاً للرأي شارك فيه 500 سعودي وإماراتي يقاومون الدفع في مقابل المحتوى الإلكتروني، إذ أعرب 74 في المئة منهم عن ترددهم بالدفع في مقابل مثل ذلك النوع من المحتوى، (ميرفي 2012).