خفضت وكالة التصنيف الائتماني موديز تصنيفها السيادي للبحرين إلى (A3) نظراً للأسلوب الذي اتبعته البحرين في السنوات الخمس الماضية في طريقة احتساب ميزانيتها مخالفة دول الخليج الأخرى، إلا أن خبيراً اقتصادياً أوضح أن هذا لن يؤثر على الوحدة النقدية التي تطمح لها الدول الخليجية. وأعلنت وكالة موديز للتصنيف الائتماني أمس في بيان أنها خفضت التصنيف الائتماني للبحرين نظراً "للارتفاع التدريجي، ولكن المهم، في السنوات الأخيرة لسعر برميل النفط في ميزانية البحرين". وتقدر دول الخليج عادة ميزانيتها على أساس سعر نفط أقل بكثير من سعر السوق، إلا أن البحرين في السنوات الخمس الماضية قدرت أسعار النفط في ميزانيتها على أساس سعر قريب من سعر السوق. وارتفع سعر البرميل الضروري لتحقيق التوازن في ميزانية البحرين من 30 دولارا للبرميل في 2004 إلى حوالي 80 دولارا للبرميل في 2009، بحسب موديز. وقال كبير الاقتصاديين في البنك السعودي الفرنسي الدكتور جون اسفاكياناكيس في تصريح إلى "الوطن": "لا أتوقع تأثير مخالفة البحرين لدول الخليج في حساب ميزانيتها على الوحدة النقدية الخليجية في المدى القريب والمتوسط لأن أسعار النفط في صالحها، وهو ما سيساعدها على تقليص العجز في ميزانيتها". إلا أنه أضاف: "ستضطر البحرين في المدى البعيد إلى إيجاد طريقة للتماشي مع الأسلوب الخليجي المتحفظ في حساب أسعار النفط لميزانيتها، وأتوقع أن يحدث، هذا فالبحرين تريد البقاء في الوحدة". وقال كبير الاقتصاديين: "الكل يريد أن يرى بحرين قوية، ولا خوف عليها لأن دول الخليج بجوارها وخصوصاً المملكة لأن الروابط الاستراتيجية بين البلدين قوية جداً". وقلل اسفاكياناكيس من تخفيض موديز للبحرين قائلاً: "لا نريد أن نعطي تخفيض التصنيف أكبر من حجمه الطبيعي، فالبحرين مازالت في منطقة (A)، وهو لا يزال تصنيفا قويا يعكس قوة قطاعها المالي". وأضاف اسفاكياناكيس: "لقد تجاوزت البحرين الأزمة المالية العالمية بنجاح على عكس جاراتها من دول الخليج والتي اهتزت بشدة مثل الكويت والإمارات، وهذا دليل على حسن إدارة الدولة هناك للقطاع المالي". وعبرت موديز في بيانها أمس أيضا عن "بعض المخاوف" التي تتعلق بأداء القطاع المالي المحلي الذي يمتلك موارد أكبر من تلك التي تمتلكها الحكومة. وفي بداية الشهر أبقت موديز على آفاق سلبية للنظام المصرفي البحريني الذي أضعف بسبب تعرضه بشدة للأزمة العقارية. وخفضت موديز تصنيف العديد من البنوك في البحرين في العامين الأخيرين. وأضافت "أدى هذا إلى جانب المستوى المتواضع نسبيا للأصول المالية الرسمية إلى حدوث فارق بين المرونة المالية للحكومة ومرونة نظرائها "هذا التراجع في المرونة المالية يضيف تحديات محتملة أمام الوفاء بالالتزامات النابعة من القطاع المالي البحريني، وهو كبير نسبيا مقارنة مع موارد الحكومة". وتحدثت الوكالة عن الاقتصاد البحريني قائلة إنه "مع الإقرار بارتفاع الدخل الفردي والتقدم المحرز في تنويع الاقتصاد، فإن موديز تعتقد أن قدرة الحكومة على إيجاد عائدات غير نفطية تتأثر بضعف الضرائب". ونظرة موديز المستقبلية سلبية للقطاع المصرفي البحريني، أما نظرتها المستقبلية للتصنيف السيادي للبحرين فهي مستقرة. وتعليقاً على نظرة موديز للاقتصاد البحريني أوضح اسفاكياناكيس أن اقتصادها لا يواجه تحديات قوية على المدى القصير والمتوسط إلا أن تحدياته في المدى البعيد تتمثل في تنويع مصادر الدخل حالها حال باقي دول الخليج. وأضاف: "البحرين بإمكانها أن تسد العجز في ميزانيتها اليوم بفضل ارتفاع أسعار النفط، كما أنها تتمتع بعمالة شابة ومؤهلة بصورة أفضل من باقي دول الخليج، إذ يعمل الغالبية في القطاع المالي كما أن النظام التعليمي هناك ممتاز". وقال: "مشكلة البحرين ستظهر في المستقبل بعد نضوب النفط". والبحرين من أصغر بلدان الخليج في إنتاج النفط وهي تنتج حاليا نحو 200 ألف برميل يومياً، منها 150 ألف برميل يتم إنتاجها من حقل بحري مشترك مع المملكة. والبحرين هي أول بلد ينتج النفط في المنطقة في 1932، غير أنها لم تعد تصدر النفط الخام بل فقط المواد المكررة. ويؤمن النفط من 60 إلى 70 بالمئة من مداخيل البحرين التي تنوي رفع إنتاجها منه إلى 250 ألف برميل يوميا في غضون ست سنوات. ونقلت وكالة رويترز عن محللين قولهم إنه لا يبدو أن البحرين تواجه خطر حدوث خفض آخر في تصنيفها قريبا لكن سيكون عليها الآن دفع علاوة سعرية أعلى للمستثمرين إذا قررت بيع أدوات دين جديدة. وأصدرت البحرين في يونيو الماضي عن طريق "ممتلكات" -وهو صندوق الثروة السيادية لها- سندات مدتها خمس سنوات بقيمة 750 مليون دولار بفائدة قدرها 5%.