لم يخرج اليوم الثالث من المفاوضات المباشرة، بين طرفي النزاع السوري بجديد، واستحق ما جرى وصف معارضٍ سوري خلال تصريحاتٍ أدلى بها إلى "الوطن" أمس من سويسرا بأن النظام "يتعمد سياسة وضع العصا في العجلات"، في إشارة إلى تعنت نظام دمشق، المبني على وضع رأس النظام ك"خطٍ أحمر"، غير قابلٍ للنقاش، على خلاف ما تطمح له المعارضة السورية، التي ترمي إلى الخروج من مؤتمر جنيف 2 بهيئة حكم انتقالية بصلاحياتٍ كاملة، على أقل تقدير. وفي جلسةٍ من المفاوضات كان عنوانها "حسن"، ومضمونها "سيئ"، استمر وفد نظام بشار الأسد أمس في توزيع الاتهامات لدول خليجية، ووضعها أساساً لما تشهده سورية من أزمةٍ طاحنة، وليس جبروت النظام وحكمه البلاد ب"الحديد والنار"، حسب ما أكد عضو وفد الائتلاف الوطني السوري هيثم المالح، الذي قال "ورقة عمل وفد الأسد اتهمت دولاً إقليمية بدعم الإرهاب، متجاهلة ما يقوم به النظام من إرهابٍ حقيقي وليس ملفقا كما يلفقون لدول صديقةٍ للشعب السوري، كل ذلك من أجل بقاء الأسد في السلطة. النظام في الحقيقة يمتهن توزيع الاتهامات الملفقة". وتجلى وفد النظام في الحديث بورقته عن الديموقراطية، وبناء سورية جديدة، التي يكفلها الذهاب إلى صناديق الاقتراع، في اختصارٍ لتمهيد تفكير الرئيس بشار الأسد في النزول إلى الانتخابات الرئاسية المقررة في منتصف العام الحالي 2014. وكان أعضاء من وفد نظام الأسد، قد أعلنوا منذ بلوغهم الأراضي السويسرية، أن الرئيس بشار "خط أحمر"، في عمليةٍ استباقيةٍ لقطع الطريق أمام إنشاء هيئة حكم انتقالية، تتمتع بكامل الصلاحيات، أو ب"صلاحياتٍ تنفيذية". ورقة العمل، أو كما سماها وفد النظام "ورقة مبادئ حكومية"، التي قدمها أمس، لخصت حلول الأزمة السورية، في نقاط كشف عنها المعارض المالح بأنها ركزت حول "الأمن، ومكافحة الإرهاب" لا أكثر، وهو ما اعتبره بمثابة وضع "عصا في عجلات" مؤتمر جنيف 2، الذي يؤمل منه أن يخرج بحلول سياسية، أولها تنحي بشار الأسد وإزالته عن رأس الحكم في سورية، حسب ما جاء في بنود جنيف 1. وبنبرة يأسٍ، لم تخل من التمسك بالحوار والتفاوض، أعلن عضو وفد الائتلاف الوطني السوري، عدم تفكير المعارضة بالانسحاب من المؤتمر. وقال المالح "على رغم من أن عنوان جنيف معناه حسن، و مضمونه سيئ لا نفكر في الانسحاب من المؤتمر، باعتبارنا أصبحنا شركاء إيجابيين للمجتمع الدولي، لا زلنا نأخذ الأمور من منطلقٍ إيجابي. وإن فكر وفد النظام بالانسحاب فهذا شأنه. لا نية لدى نظام بشار الأسد للتقدم أي خطوة". اللافت في الأمر هذه المرة، كما أكد المالح، رؤية وفد نظام دمشق بأن الائتلاف الوطني السوري غير "مؤهلٍ للتفاوض"، أو كما قال "اعتبرونا لا نمثل الشعب السوري. نحن غير مؤهلين للتفاوض في نظرهم من هذا المنطلق، بينما يعترف بنا أكثر من نصف العالم كممثلين وحيدين للشعب السوري. من هنا أقول إن النظام لن يذهب خطوة واحدة للأمام، لكن لا خيارات لدينا". وانتقل "تدريجياً" الحديث في المفاوضات المباشرة بين طرفي النزاع السوري، من الشأن الإنساني، إلى السياسي، الذي يبدو أكثر تعقيداً من الملف الذي سبقه، جراء تعنت النظام وتمسكه بمبادئه، القائمة على "مكافحة الإرهاب"، الذي يعطي الحق لبشار الأسد البقاء في السلطة أكبر قدر من الزمن.