انتشرت في الآونة الأخيرة، مطالبات عدة هنا وهناك برفع المكافآت التي يحصل عليها المبتعثون، بدعوى أنها لا تكفي الحاجة، وكان "تويتر" المنبر الرئيس الذي خرجت منه تلك المطالبات، فهو الوسيلة شبه الوحيدة التي يسهل على الطلاب من شتى أنحاء العالم الاجتماع فيها، والحصول على آراء متشابهة! إن المطالبة حق مشروع، بشرط أن تكون واقعية فعلاً، وليست استغلالاً لواقعية غلاء الأسعار في مدينة، أو اثنتين، أو حتى ثلاث في دولة بأكملها، والمراد هنا أن هناك ارتفاعاً فعلياً في الأسعار، يعاني منه الجميع، بمن فيهم مواطنو المملكة الذين يعيشون فيها، كما أن هناك مدناً ترتفع فيها الأسعار بنسبة أكبر بكثير من غيرها، ففي الرياض على سبيل المثال، بلغ متوسط إيجار شقة مكونة من غرفة واحدة لشخص أعزب نحو 22 ألف ريال، و25 ألف ريال للشخص المتزوج، إلا أننا نجد المدن الأقل حجماً وكثافة سكانية، بالإمكان إيجاد شقة ب13 ألف ريال على سبيل المثال، وهو ما يعادل نصف سعرها في مدينة الرياض، وكذا هو الحال لو ذهبنا إلى أميركا أو بريطانيا، فسنجد هذا التشابه النسبي بين بعض المدن والأخريات. المطالبة برفع المكافآت بدعوى غلاء المعيشة حق يستحقه عدد محدود من المبتعثين، وليس كافتهم، وهم أولئك الذين يدرسون في مدن يستعصي العيش فيها بالمكافأة الحالية، إلا أننا نجد أنه ما إن تظهر مطالبة أو اثنتين من هذا النوع، إلا وقد ارتفعت أصوات الجميع، سواء من يستحق منهم أم لا يستحق، فيكون هدف الأول العيش بشكل يمكنه من أداء دراسته بالوجه المطلوب، بينما يكون هدف الآخر الوصول إلى مستوى معين من الرفاهية التي لا علاقة لها إطلاقاً بالغرض الذي جاء من أجله وهو الدراسة. مما ثار مؤخراً، "هاشتاق" بعنوان "مبتعثو أميركا تحت خط الفقر"، والحقيقة أن هذا العنوان مستفز، ومسيء في آن معاً، كما أنه غير معقول أو منطقي، فلو كان الحال كذلك، لما تخرجت أجيال عديدة بالآلاف درست في الولاياتالمتحدة ذاتها التي يقول هؤلاء إنهم يعيشون فيها تحت خط الفقر، كما أن عنونة المطالبة بهذه العبارة فيها نوع من المبالغة التي تخل بأهدافها، وتجعل منها مطالبة "مشبوهة".