كرمت دارة الملك عبدالعزيز ومركز بحوث المدينةالمنورة أمس، "مؤرخ المدينة" الراحل إبراهيم علي العياشي بعد مضي 35 عاماً على رحيله، خلال تنظيمها آخر ندوة من سلسلة أعلام المدينةالمنورة في القرن الماضي. شارك في الندوة رئيس نادي المدينةالمنورة الأدبي الدكتورعبدالله عسيلان وعضو هيئة التدريس بجامعة طيبة المحدث بالحرم النبوي الدكتور عمر فلاتة والباحث محمد صالح عسيلان وأدارها الدكتور محمد أنور البكري. واستعاد المحاضرون سيرة "العياشي" ومئات المخطوطات النادرة التي تركها عن المدينةالمنورة بعد أن نجت من حريق شب في حي قباء في المدينةالمنورة عام 1396، أتى على كثير من مقتنيات مكتبته التي تحوي مخطوطات يعود تاريخها إلى 1260 ه. وأوضح الدكتور العسيلان أن ما "يميز" الراحل عمن سبقه في التأليف أنه كان يقف على المواقع التي يكتب عنها، أو يحققها ويرسم بيده خارطتها، مؤكدا أنه "أثرى" المكتبات بجمع الوثائق ورسم خرائط للمدينة وربطها بالحوادث السابقة، مشيراً إلى أن مكتبته الخاصة تحوي مئات الوثائق النادرة والمخطوطات عن تاريخ المدينة، من بينها خارطة نادرة للحجرة النبوية تتضمن وصفا توثيقيا دقيقا في عرض معالمها على ما ورد في كتب السير، وخارطة أخرى للمدينة استطاع أن يرسم جغرافية المدينة في خارطة للمدينة تزيد مساحتها عن 400 كيلو، وخارطة لطريق الهجرة النبوية وأخرى لغزوة بدر وغزوة الخندق، واستعرض عسيلان عددا من المقاطع التي تظهر قوة العياشي الأدبية في مؤلفه "مبضع الجراح". بدوره كشف "فلاتة" قصة تأليف العياشي لكتاب "مبضع الجراح" وأعجب بسعة علمه مما دفعه في وقت لاحق إلى مناقشته في نظرية المساواة بين الجنسين (الرجل والمرأة). واختتم االندوة محمد صالح عسيلان الذي أعلن للحضور أن الدارة ومركز بحوث ودراسات المدينة تكرم مؤرخ المدينة الراحل في يوم اجتمع فيه طلابه والمهتمون بتاريخ المدينة وفي إطار مناسبة اختيار المدينة عاصمة للثقافة الإسلامية، موضحاً خلال قراءته من حياة العياشي أنه لم يكتف بفنه في علم التاريخ، بل كان أول مؤسس لجمعية تحسين الخط في المدينة بالإضافة إلى كونه خطاطاً ورساماً أجاد الرسم المساحي والهندسي، وكان مؤلفا للمسرحيات التربوية وكاتباً بالصحف اليومية كما تعدت شهرته إلى الدول العربية المجاورة التي أجرت معه عدة لقاءات إذاعية وتلفزيونية. وشهدت الندوة الكثير من المداخلات المطالبة بمؤلف يجمع أعمال الراحل ويخلد سيرته وجهوده في حفظ معالم المدينة، وقال عضو نادي المدينةالمنورة الأدبي الدكتور نايف الدعيس إن مؤلفات العياشي بحاجة للفهرسة المكانية حتى تستمر في خدمتها للباحثين والمهتمين بمعالم المدينة.