حشرجة تنتابني وقد أدبر رمضان تاركا خلفه الذكريات، والدعوات والدمعات والحسرات ونزيف الأمة يتقاطر على طرقات الحسرة والصدع والألم بين الدماء وأشلاء العظام.. حكايات وروايات سطرتها أرواح الحرية البيضاء، درعا، حماة، حلب، دمشق، وساعات تقترب، وأخرى تبتعد.. وقد أوجم الوقت، وتباعد الزمان أبدا لا يلغي مقولة "التأريخ أسطوانة مكررة للأحداث" وكما لو كان أبوالطيب بيننا محدثا ومجلجلا مزبدا وقائما يبكي: عيدٌ بأي حال عدت يا عيد بما مضى أم لأمر فيك تجديد.. أما الأحبة فالبيداء دونهم فليت دونك بيدا دونها بيد وكأني به ينعى الأمة في الشام وأهلي، وبغداد الهوى، والفسطاط جيراني.. وكأني بالعيد مطأطئا رأسه حثيث الخطوة، بين الرصاص، ويتيمة بين الأزقة تتسول، وشيخ طاعن في السن يرتجف، وأم تشكي المصاب، وثكلى بالجوار ينفضن أكفان البياض طهرا وشرفا ودما.. تسقط حلوى فيهرب بها أحد الأطفال؛ فزعا، وخوفا من سطوة، وظلم الشبيحة، دوي القنابل وصراخ الأطفال والوحشة تسكن أرواح الكبار والصغار، ومقبرة الشهداء، سنة طوت دفتيها، وما زالت طبول الحرب، وقراع الجبروت تعصف بالمكان، والأبرياء ظلما، وقسرا، وموءودة تسأل بأي ذنب قتلت في يوم عيد أسود، توشحت روحها بالدماء، وفستانها الأبيض بالطعنات الغادرة، وحياة تحت الحصار والقصف تنادي بصوت الأمة الأبي.. عذرا فقد يصحو النؤوم ويمتطي ظهر البطولة من لديه المشعل نسعى وننذر قوما وألهانا يقضي ويكتب ما يشاء ويفعل كما يقول شاعرنا العشماوي.