ليس أجمل من أن تحضر العيد بقلب طفل، وليس أسوأ من أن تعيشه بوجدان شاعر، العيد ليس للشعراء ففيه يبكون ويتوجَّدون بروح المكتئب الذي لا توقظ فيه ساعات الفرح سوى ذكرى قديمة يبكي على أطلالها منذ المتنبي ومطلع قصيدته الشهيرة عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ ……بمَا مَضَى أمْ بأمْرٍ فيكَ تجْديدُ أمّا الأحِبّةُ فالبَيْداءُ دونَهُمُ ……..فَلَيتَ دونَكَ بِيداً دونَهَا بِيدُ ثم لهفة الرصافي في وصفه عيد الفقير: أطلَّ صباح العيد في الشرق يسمع ….ضجيجاً به الأفراح تمضي وترجعُ صباح به تُبدى المسرة شمسها…….وليس لها إلا التوهم مطلعُ صباح به يختال بالوشي ذو الغنى………ويعوزُ ذا الإعدامِ طمر مرقَّع ليجيء زكي مبارك يناجي ليلة العيد التي انقلبت موعدا مع الحبيب وحزنا على ما بعد اللقاء من جوى وفراق حيث يقول: يا ليلة العيد ماذا أنت صانعة إني أخاف الجوى يا ليلة العيد أتقبلين وما لي فيك من أمل …..غير اللياذ بأطياف المواعيد ثم يأتي الشاعر الرقيق مرهف الحس شاعر القضية والوطن المغتصب، عبدالرحمن العشماوي ، يتذكر في ليال أعدت للفرح ،مجدا، وبدرا، ونصرا، فجاء وقد صبغ قصيدته بالدموع والأحزان والوجد العميق. أقبلت يا عيد، والأحزان أحزان ………..وفي ضمير القوافي ثار بركان أقبلت يا عيد، والرمضاء تلفحني …..وقد شكت من غبار الدرب أجفان فنصيحتي لكل من أراد فرحة بالعيد، ألا يقرأ العيد في ديوان شاعر، ولا في موعظة زاهد، بل يحضره بقلب طفل ناصع البياض، لا يعرف عشقا ولا حقدا ولم يسعفه عمره القصير أن يحمل أي نوع من الذكريات، وكل عام والعيد بكم أكثر براءة ونقاء.