أمهل الجيش المصري جماعة الإخوان المسلمين حتى عصر غد للانضمام إلى المصالحة السياسية، وذلك بعدما أصدر تهديدا ضمنيا باستخدام أساليب أشد ضد الجماعة. وقال مسؤول عسكري رفض الكشف عن اسمه "لن نبادر بأي إجراء، لكن سنرد بقسوة على أي دعوات للعنف أو الإرهاب الأسود من زعماء الإخوان أو أنصارهم. ونتعهد بحماية المحتجين السلميين بغض النظر عن انتمائهم". وأضاف "أمام الجماعة 48 ساعة للاستجابة إلى ذلك". ورداً على تلك التصريحات حث البيت الأبيض الجيش المصري على "ضبط النفس إلى أقصى درجة"، وبذل كل ما بوسعه لمنع وقوع اشتباكات بين متظاهرين متنافسين. وقال المتحدث باسمه جوش ايرنست إن واشنطن "قلقة من أي خطاب يشعل التوتر". تتأهب مصر اليوم لتنظيم مظاهرات حاشدة ينظمها أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي ومعارضوه، وسط مخاوف من احتمالات سقوط قتلى وجرحى من جراء العنف، حيث تشارك القوى المدنية في مظاهرات تحت شعار "لا للإرهاب" تلبية لدعوة وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسي التي دعا فيها المصريين إلى النزول في المظاهرات كي يعطوه تفويضاً في مواجهة أي إرهاب محتمل. ووفقاً لما أعلنه عضو المكتب التنفيذي لجبهة الإنقاذ الوطني مجدي حمدان فإن المتظاهرين الداعمين لدعوة السيسي سينظِّمون إفطاراً جماعياً في ميدان التحرير ومحيط قصر الاتحادية. وهو ما ردَّ عليه "التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب" بالدعوة إلى النزول إلى الشوارع، معلناً عن تنظيم مظاهرات حاشدة تحت عنوان "الشعب يريد إسقاط الانقلاب"، ووفقاً لما أعلنه القائمون على التحالف فسوف ينظم أنصار الرئيس المعزول مسيرة تنطلق من 34 مسجداً بمحافظتي القاهرة والجيزة فيما يطلق عليه مسيرات "مليونية الفرقان"، على أن تتجمع المسيرات في ميداني رابعة العدوية والنهضة حيث يعتصم أنصار مرسي. بدورها رفعت الأجهزة الأمنية حالة الاستنفار الأمني استعدادا لأي تطورات أو اشتباكات محتملة، كما كثفت قوات الأمن من وجودها بمحيط المنشآت الحيوية والأقسام التابعة للشرطة. وقال بيان على صفحة بموقع فيسبوك مرتبطة بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية إن الجيش المصري سيرفع سلاحه "في وجه العنف والإرهاب الأسود" بعد المظاهرات المزمعة اليوم. وأشار البيان إلى أن الجيش الذي دعا إلى مظاهرات حاشدة لمنحه تفويضا لمواجهة العنف سيتبنى أساليب أشد صرامة في التعامل مع الاضطرابات السياسية في مصر. وقال البيان إن "القوات المسلحة المصرية هي جيش الشعب كله ومن الشعب كله ولا ترفع سلاحها أبداً في وجه شعبها، ولكن ترفعه في وجه العنف والإرهاب الأسود الذي لا دين له ولا وطن". من جهته أكد المستشار القانوني طارق البشري أن ما يحدث الآن في مصر ليس معركة بين الإخوان ومعارضيهم، لأن هذه المعركة كانت يمكن أن تحسم في ظل دستور 2012 بانتخابات مجلس النواب وما يفضى إليه من تشكيل وزاري يعكس حكم التأييد الشعبي الصحيح لكل فريق من الفرقاء المتصارعين، وهو ما كان من شأنه دستورياً أن يقيد سلطات رئيس الجمهورية وفقاً لنتيجة الانتخابات، مضيفاً أن ما يحدث الآن بمثابة معركة تتعلق بالديمقراطية وبالدستور، حسب قوله. وحول من يسعى الآن للتقريب بين وجهتي النظر، قال: "مصر تعيش معضلة حقيقية، لأن من يقوم بانقلاب عسكري يكاد يستحيل عليه العدول عنه، لأن مصيره الشخصي بات متعلقاً بمصير الانقلاب، وإن من يريد التنازل عن بعض الأوضاع الدستورية الديمقراطية ليتفادى إصرار القوة الانقلابية المادية إنما ينشئ سابقة دستورية خطيرة تهدد النظام الديمقراطي دائماً". في سياق أمني تعرضت مدرعة تابعة للجيش بمحيط مستشفى الشيخ زويد شمال سيناء إلى هجوم من مجهولين، حيث أطلق مسلحون قذيفة آر بي جي علي المدرعة وأصابتها بأضرار بليغة، كما أصابت قذيفة أخرى استراحة الأطباء بالمستشفي في أحدث هجوم للمسلحين في شمال سيناء فجر أمس. وقالت مصادر عسكرية إن الهجوم على المستشفى لم يسفر عن سقوط قتلى أو مصابين حيث كانت المدرعة خالية من أفراد الأمن لحظة استهدافها. كما أن استراحة الأطباء كانت خالية لحظة الهجوم لمغادرة الأطباء المستشفي والإقامة في أماكن أخرى بعد استهداف المستشفي من قبل، فيما أطلق مسلحون النار على كمين الريسة للمرة 43 خلال الفترة الماضية". في الغضون أمرت النيابة بحبس 29 متهماً من أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين في الأحداث والاشتباكات التي شهدها قطع الطريق الزراعي السريع بمدينة قليوب 15 يوماً على ذمة التحقيقات، ووجَّهت النيابة العامة للمتهمين تهم القتل العمد، والشروع في القتل، ومقاومة السلطات، والتعدي على رجال الشرطة، وقطع الطريق العام، ومن بين القيادات المطلوب القبض عليها المرشد العام للجماعة محمد بديع والداعية محمد عبدالمقصود وعضو مجلس الشعب السابق محمد البلتاجي، ووزير التموين السابق باسم عودة، ووزير الشباب السابق أسامة ياسين. إلى ذلك أصدر مجلس إدارة نادي قضاة مصر قراراً بشطب 75 قاضياً من "تيار الاستقلال" من عضوية الجمعية العمومية لنادي قضاة مصر، لإصدارهم بياناً يتضمَّن خوضاً في العمل السياسي ومناصرة لفصيل سياسي بعينه، مما يخرج عن التقاليد والقيم القضائية القائمة على الحيدة والتجرد وعدم الاشتغال بالسياسة.