لا شك أن العلاقات التعاونية المشتركة بين مؤسسات التعليم العالي ضرورية وذات أهمية للارتقاء بالمستوى الأكاديمي والبحثي والتقني في هذه المؤسسات، بالإضافة إلى مواكبة التوجهات العالمية في هذا القطاع الحيوي. لكن علينا عدم إهمال العلاقة التعاونية والتواصل البنَّاء بين التعليم الثانوي والتعليم الجامعي، لما في ذلك من انعكاسات إيجابية على الجانبين. فالراصد لواقع التعليم العام في المملكة يرى ضعفاً في مخرجاته، وعدم مواءمته للالتحاق بالدراسات الجامعية. فحسب إحصائيات اختبارات الدراسة الدولية للرياضيات والعلوم TIMSS للعامين 2007، و2011، هناك انخفاض في مستوى طلاب التعليم العام في المملكة من حيث اكتساب المهارات، وهذا له تأثير ملموس على طبيعة المقررات الجامعية كماً وكيفاً. وإذا أخذنا الموضوع من منظور عالمي لوجدنا، بعد عقود من سوء التواصل بين المدارس الثانوية والكليات والجامعات، أن دعاة التعليم على الصعيد الوطني في الولاياتالمتحدةالأمريكية يؤكدون على أن التعاون والتنسيق هو بداية لتسهيل عملية انتقال الطلاب والطالبات إلى التعليم الجامعي. لذلك صُنَّاع القرار في التربية والتعليم يتوجهون حول تغيير الهدف العام للتعليم الثانوي في القرن العشرين، وهو "إعداد وتهيئة خريجي التعليم الثانوي ليتمكنوا من خوض مرحلة التعليم الجامعي" ليصبح في القرن الحادي والعشرين "إعداد وتهيئة خريجي التعليم الثانوي من أجل تحديد مستقبلهم الأكاديمي". ويتم ذلك من خلال التحاق طلاب الثانوية العامة بمرحلتينِ هما الحادية عشرة والثانية عشرة لدراسة فصول ومقررات في الحرم الجامعي بهدف صقل شخصيتهم وتهيئتهم اجتماعياً وأكاديمياً. في بعض المدارس الثانوية في الولاياتالمتحدةالأمريكية تزيد نسبة طلبة الثانوية العامة الملتحقين بمسارات جامعية في الحرم الجامعي على 50%، حيث أثبتت التجارب أن هؤلاء الطلبة يتمتعون بصرامة وقوة وتهيئة أكاديمية أكثر من زملائهم الذين لم يلتحقوا بهذه المسارات. هناك العديد من الفوائد التي تنتج عن الشراكة والتعاون بين التعليم الثانوي والتعليم الجامعي، بما في ذلك تحسين استعداد الطلاب للمرحلة الجامعية، وتحسين جهود وفرص التوظيف لهم، وتطوير المناهج الدراسية وطرق التدريس في المدارس الثانوية والجامعات، وتوفير فرص لأعضاء هيئة التدريس للالتقاء عبر مختلف القطاعات التعليمية لمناقشة طرق التربية والتعليم والمناهج الدراسية، وتوفير فرص البحث العلمي لأعضاء هيئة التدريس بالكلية وطلاب الدراسات العليا. جميع هذه الأنشطة تقدم الدعم للطلاب لتسهيل عملية انتقالهم من المدارس الثانوية إلى الجامعات. من الملاحظ أن جميع الجامعات العالمية المرجعية لجامعة الملك سعود في خطتها الإستراتيجية لديها برامج صيفية لطلاب الثانوية العامة بحيث يتم اختيار الطلاب المتميزين والموهوبين أكاديمياً والقياديين في مدارسهم والمهتمين في خدمة المجتمع لدراسة الفصل الصيفي في هذه الجامعات. في جامعة هارفارد على سبيل المثال هناك برنامج Harvard Secondary School Program (SSP)، وجامعة ستانفورد لديها برنامج Stanford's High School Summer College، وجامعة جنوب كاليفورنيا لديها برنامج SUMMER @ USC، وجميع هذه البرامج بشكل عام تهدف إلى ما يلي: 1. تدعيم وتعزيز ثقافة الدراسات العليا والبحث العلمي في مراحل التعليم المبكرة. 2. تهيئة طلاب الثانوية العامة أكاديمياً للاستعداد لدخول الجامعة في السنوات القليلة المقبلة. 3. التعرف على حياة ومرافق الحرم الجامعي الممتعة وعلى أسلوب التعلُّم والتعليم الجامعي في وقت مبكر. 4. الحصول على المعرفة الأكاديمية التي ستخدم الطالب في مسيرته الجامعية وما بعدها. 5. خبرة واندماج في الحياة العلمية الواقعية جنباً إلى جنب مع طلاب البكالوريوس؛ لتعزيز القدرات والمهارات التواصلية والثقافية والاجتماعية للطلبة. 6. إتاحة الفرصة لطلاب الثانوية العامة لاستخدام جميع مرافق الجامعة، على سبيل المثال المرافق الرياضية والترفيهية والمكتبات والمعاهد والمختبرات. 7. الاستعانة بمنسوبي الجامعة للحصول على الإرشادات الأكاديمية والتدريب والقبول والتسجيل... إلخ. 8. احتساب هذا الفصل الدراسي للطلاب ضمن الخطة الدراسية في الجامعة. 9. توطيد العلاقة بين التعليم العام والتعليم الجامعي.