دعا عضو هيئة كبار العلماء المستشار بالديوان الملكي، الشيخ عبدالله بن منيع إلى تقدير الثروة الأثرية، متسائلاً " لماذا يأتي من يشوهها ويعبث بها؟! "، معتبراً من يقوم بأعمال التشويه والعبث بالآثار "مقصرا في حق بلده، بل هو عابث بما يتعلق بمصالح البلاد. وقال: على إخواننا أن يعرفوا أن الآثار الآن في العالم أجمع تعتبر من أعظم الكنوز التي يفخر ويعتز بها، فالآثار في أي بلد تدل على حضارته. وأعرب خلال تفقده أمس برفقة عضو هيئة كبار العلماء المستشار بالديوان الملكي، الشيخ عبدالله المطلق أعمال التنقيب والتأهيل التي تنفذها الهيئة العامة للسياحة والآثار في عدد من المواقع الأثرية والتراثية بمحافظة العُلا، عن أسفه من قيام بعض بالعبث بالآثار، وطالبهم بالمحافظة عليها وأن يشعروا بأن هذا ملكهم وأنها لهم، وأن تطوير هذه الآثار وإبرازها بالمظهر اللائق راجع لهم فيما يتعلق بعزتهم وعزة بلادهم وافتخارهم بها. وأثني الشيخان على جهود الهيئة العامة للسياحة والآثار للمحافظة على المواقع الأثرية وتأهيلها، ودعوا إلى مواصلة الجهود في هذا المجال. وأكد ابن منيع عقب زيارته للمواقع الأثرية، "أن تلك المواقع والكنوز الأثرية هي في الواقع محط حضارات سابقة، وفي الوقت نفسه هي محل عبرة وعظة وزيارتها تعطي كثير من التأثر، وكذلك التعلق وتقوية الإيمان بالله". وأشاد ابن منيع بما شاهده خلال زيارته من أعمال تنقيب وقال "رأينا آثاراً جيدة من التنقيب عن القصور، ورأينا آثار هذه القصور، كما رأينا أساساتها وتفاصيل غرفها والطرق التي هي محل عبور فيما بين ساكنيها، فلا شك أنه مجهود مشكور، وسيعطي تفسيراً جيداً لكتاب الله في قوله سبحانه وتعالى "وتتخذون من سهولها قصوراً". من جانبه، أوضح الشيخ عبدالله المطلق، أنه اطلع خلال الزيارة على حضارات متعاقبة في هذه البلاد، وهي حضارات الأنباط واللحيانيين وحضارة ثمود قوم صالح، معتبرا أن جهود الهيئة في المحافظة على هذه الآثار "محافظة على آيات وعِبَرْ، فإن الله ذكر في كتابه الكريم هذه المواضع وغيرها، وجعلها آية لعباده المؤمنين بأن يسيروا في الأرض فينظروا كيف كانت الأمم قبلهم، وكيف أثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها". وأكد المطلق أن "قراءة التاريخ والآثار تبعث العبرة، وتحفظ التاريخ، وتخبر الأمة بماضيها العتيق، لتنشره وتصححه وتفاخر به"، مضيفاً " قرأت التاريخ من وحي الآثار والاستدلال بالنقوش والخطوط، وما في هذه المواقع يصحح مسيرة التاريخ عن الأمم البائدة مثل دولة الأنباط، ودولة اللحيانيين وغيرهما، حيث إننا لا نرى ذكراً شافياً لها في مصادر التاريخ القديمة، وعسى أن نجد من أبنائنا ممن ينقبون عن المعلومات التاريخية في المصادر التاريخية ما يُغني ويُصحح". وأضاف: "أشكر لصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة جهوده في إبراز هذه الجوانب بما يتماشى مع المنهج الشرعي الذي يبعث على فهم التاريخ ودراسته للعظة والعبرة، والاستفادة من التجارب، وحفظ المعلومات وبنائها على أسس علمية متينة". وتطرق المطلق إلى عدم المحافظة على الآثار، والوجه غير الحضاري من قبل الذين لا يقدرون المسؤولية، ويعبثون بالآثار بكتابة أسمائهم عليها، وقال "إن كل هذا يضر ويفسد وثائقية الآثار، فهؤلاء يجهلون قيمتها ويسيئون استخدام زياراتهم للمواقع الأثرية"، واصفاً ما يقوم به هؤلاء بأنه "خيانة وتعد، وضد حفظ هذه الآثار باعتبارها وثائق تاريخية حضارية يجب أن نحسن استغلالها، وأقول لهم إنهم إن أفلتوا من العقوبة في الدنيا فإنهم لن يفلتوا من العقوبة في الآخرة، لأن الدولة قد خسرت الأموال، ووظفت الرجال، واشتغلت لحفظ هذه الأدلة التاريخية". وأكد أن " التعدي على الآثار تعد على ثروات حكومية، وأموال وموروثات شعبية لأهل هذا البلد المبارك، وأقول لمن يعتدون على الآثار احذروا أن تقعوا في ذنب وأنتم لا تشعرون، خصوصاً أن الجهات الحكومية تعمل جاهدة لحفظ هذا التراث وتنقيته". وشملت زيارة الشيخين موقع المابيات الأثري (مدينة قرح الإسلامية)، وجولة في موقع الحجر (مدائن صالح)، تضمنت مباني سكة حديد الحجاز بعد إعادة تأهيلها وتوظيفها، ومتحف مدائن صالح، والقلعة الإسلامية، والواجهات الصخرية في الموقع، والديوان، إضافة إلى المعالم التراثية في بلدة العلا القديمة، ومتحف محافظة العُلا، والتنقيبات الأثرية في موقع الخريبة والالتقاء بالفريق العلمي السعودي الفرنسي للتنقيب الأثري.