تخرج الشاب عوض من الجامعة تخصص فيزياء قبل سنتين ولم يجد وظيفة، رغم أن لديه شهادة لغة إنجليزية من خارج المملكة، ولكنه قرر اقتحام سوق العمل، والبحث عن فرصته، ووجدها في أول كوفي شوب في تبوك يقوم على فكرة توظيف السعوديين في هذا المجال الجديد عليهم. وعن نظرة أهله وأصدقائه له، يقول: "هم أول من شجعني، وزبائن المقهى دائما ما يشجعوننا"، مؤكدا أن الشاب السعودي لو وجد بيئة عمل جيدة سينتج، وكل ما يقال عنه مجرد وهم، مطالبا بإعطائهم فرصة، وقال: "سترون النتائج". منذ زمن طويل والعمالة المقيمة هي من تصنع وتقدم القهوة في المقاهي ومحلات "الكوفي شوب"، حتى إن الكثير ربما يستغرب إذا وجد شابا سعوديا أو شابة تصنع القهوة والشاي، وتقدمهما له في أحد هذه الكوفيهات.. هذا ما يحصل في أحد مقاهي مدينة تبوك، حين يصنع ويقدم الشباب السعوديون القهوة، وهو أول كوفي شوب في المنطقة يقوم على هذه الفكرة. يقول مدير المقهى الشاب السعودي يزيد المويشير: "الشاب السعودي أفضل من العمالة المقيمة في العمل، لكن شريطة أن توفر له بيئة عمل جيدة، وإدارة سعودية جيدة أيضا، والشاب السعودي من ناحية التوظيف يعمل أكثر مما يعمل الأجنبي"، ويضيف "من حرصهم على العمل أحيانا أشعر أنهم أصحاب المحل". ويشير المويشير، إلى أنه أعلن عن توظيف السعوديين في هذا المقهى، فجاءه أكثر من 47 شابا وشابة، تم اختيار 14 منهم، وعلق على ذلك "لم أكن أحمل هم الفتيات، لأنهن بطبعهن حريصات عن العمل، لقد تجاوزنا مرحلة العيب في العمل، وهذا ما أشعرني به الشباب". وعن كيفية بدء العمل يقول: "جلبت مدربا أكاديميا للقهوة والشاي، والشباب والشابات الآن يصنعون أكثر من 52 صنفا من القهوة، إضافة إلى أن الفتيات هن من يصنعن "الكرواسان"، و"البان كيك" ، و"الكويكز" في المحل"، شاكيا من تعامل بعض الجهات الحكومية معه. يقول: "لو تتعاون معنا الجهات الحكومية؟". وأكد أنه وفر مدخلا خاصا لذوي الاحتياجات الخاصة، وأنه ينتظر شابا سعوديا يجيد لغة الإشارة ليعمل معه في المقهى، كانت قد وعدت به إحدى المؤسسات الحكومية، كما وفر سائقا بسيارة خاصة للفتيات اللاتي يعملن معه، وقال: "هؤلاء الفتيات يعتبرن كأخواتي قبل كل شيء". من جهته يذكر عبدالعزيز، وهو طالب جامعي أن الدافع من وراء عمله في المقهى، أنه يعاني من فراغ كبير، رغم أنه يدرس صباحا في الجامعة، ويقول: "أدرس في الجامعة صباحا، ثم أعمل في الليل في المقهى، وأفكر جديا في أن اتجه للتجارة فيما بعد الدراسة، فهذا المشروع علمني الأشياء الكثيرة"، وطالب عبدالعزيز رجال الأعمال أن يهتموا بالشاب السعودي، مؤكدا أنه لو وفروا له المناخ الجيد، سيثبت كفاءته. من جهة أخرى تذكر أم خالد (أم لثلاثة أطفال) أن العمل ليس عيبا أبدا، وهذا جزء من حياة الإنسان، مؤكدة أن أهلها رحبوا بالفكرة؛ لأن العمل في مكان محترم، وتعلق على تجانسها مع زميلاتها في العمل بقولها: "أشعر أنهن أخواتي، فبيننا حب كبير"، وشجعت مريم كل فتاة سعودية ألا تبقى في بيتها إذا كان أمامها فرصة عمل في مكان يحترم خصوصيتها، وقالت في نهاية حديثها "إن هذا العمل أتاح لنا فرصة، وهو مجال جميل يتناسب مع طبيعتنا كنساء". وترى مريم (أم لثلاثة أطفال) أن خصوصية العمل في المقهى كانت الدافع الكبير لالتحاقها بالعمل، فهو مكان عائلي منعزل تماما عن الرجال، وتستدرك قائلة: "صحيح أن كثيرا من الناس انتقدوني على هذا العمل، لكنني أشعر أنه يناسبني تماما، فأنا أشعر بالأمان هنا، ولا أخالف شيئا من تعاليم ديني". وعن رأي صديقاتها حول عملها هذا، تقول: "كثيرا ما يزورني صديقاتي هنا، ويقلن: لو نعلم أن عملك هكذا لعملنا معك"، وتضيف أخيرا بقولها: "لو لم يكن هذا العمل مناسبا لنا لما رأينا كثيرا من الأهالي يضعون بناتهن هنا ويذهبون، فهو مكان آمن بخلاف المطاعم التي نرى فيها الرجال".