في الوقت الذي قدر فيه اقتصاديون أن 60% من حجم المصروفات السنوية للأسرة السعودية، يتم إنفاقها خلال 60 يوما فقط، بسبب تتابع المناسبات الموسمية مثل: الإجازة الصيفية، وشهر رمضان، وعيد الفطر، ثم بداية الموسم الدراسي، محذرين من الاندفاع الاستهلاكي وما يخلقه من بيئة جاذبة للغش والمبالغة في الأسعار، كشف مصدر بوزارة التجارة والصناعة عن توجه لتحديد لوائح جديدة، لمنع استغلال مواسم التخفيضات من خلال تقنينها. وقال مسؤول في وزارة التجارة بالمنطقة الشرقية فضل عدم ذكر اسمه أن الوزارة لديها برنامج توعوي مكثف ستطلقه في الأشهر المقبلة بالتوازي مع جهود جديدة للرقابة على الأسواق، مؤكدا أن الوزارة تعالج الرقابة على الأسعار، إضافة إلى توفر السلع كافة في خارج وداخل مواسمها لتوفير الخيارات أمام المستهلك. وعن الرقابة على التخفيضات، توقع المصدر تحديد لوائح جديدة تمنع أي استغلال لمواسم التخفيضات، وتقنينها وإلزام المتاجر بتحديد نوع السلع المخفضة بالضبط، وفرزها، وفترة التخفيضات، أسوة بالأسواق العالمية، مشيرا إلى أن المتاجر المخالفة سيطالها عقوبات قاسية ورادعة على حد قوله، لافتا إلى أن الوزارة لن تسمح بوضع ملصقات التخفيضات على المتاجر دون التقيد بها أو تقليصها؛ لأن ذلك يعد من الغش التجاري الصريح. من جهته قال الباحث الاقتصادي عبدالله السالم، إن حجم الإنفاق الأسري يصل إلى أعلى مستوياته خلال شهري شعبان ورمضان، بسبب توالي المناسبات مثل: السياحة الصيفية وشهر رمضان والأعياد والمدارس. وقدر السالم، أن المناسبات تستحوذ على أكثر من 60% من حجم المصروفات العامة للأسرة على أساس سنوي، لافتا إلى أن غياب التخطيط، وتحديد الميزانية للأسرة، يزيد من معدلات الإنفاق غير المبرر بنسبة تتجاوز 13 ضعفا عن الأسر التي تهتم بجدولة المصروفات وتحديد الميزانيات. وأكد السالم، أن الاندفاع الاستهلاكي الذي تشهده الأسواق المحلية، خاصة فيما يتعلق بمواد الغذاء والملابس، يخلق بيئة جاذبة للغش والمبالغة في الأسعار، مشددا على أهمية توزيع المشتريات على مستوى العام كاملا؛ لتخفيف الضغط على مداخيل الأسر ومدخراتها، ولتوفير السيولة النقدية لشراء المستلزمات قبل أوقات الذروة. وحذر السالم، من تفاقم الاعتماد على بطاقات الائتمان والاقتراض لتغطية المصروفات، لما تتطلبه من سيولة آجلة أعلى من السيولة المطلوبة، مشيرا إلى أن الوعي الاستهلاكي بتحديد الأولويات وتقنين المصروفات، سيسهم في تخفيف الضغوطات المالية على كافة الأسر، وتمرير المدفوعات النقدية بتكلفة أقل، مبينا أن المسميات التي تتعلق بالأسواق غير حقيقية، خاصة بما يعرف بالمواسم مثل: موسم الإجازة الصيفية أو رمضان أو العيد أو العودة للمدارس، لافتا إلى أن مواعيد تلك المناسبات معروفة سلفا ومستلزماتها متوفرة طوال العام بأسعار تقل عن الأسعار في وقت الموسم. بدوره قال الخبير الاقتصادي عبدالله الرشود ل"الوطن"، إن حجم السحوبات النقدية للأفراد الصادرة من مؤسسة النقد، يكشف خللا كبيرا في حجم الاستهلاك وكيفيته، مؤكدا أن ضعف الثقافة الاستهلاكية في الأسواق المحلية، يرفع حجم المصروفات على الأسر، بسبب توالي المناسبات بدءا من قضاء إجازة الصيف مرورا بشهر رمضان ثم موسم العيد وانتهاء بالعودة للمدارس. ولفت الرشود إلى أن المناسبات تستحوذ على أكثر من نصف المصروفات الأسرية على مستوى العام الواحد، مشيرا إلى أن تأجيل علميات الشراء إلى قبيل المناسبات يزيد من حجم المدفوعات النقدية بأكثر من 30% عن الأسعار الحقيقية بسبب ارتفاع حجم الطلب على بعض السلع في وقت متقارب. وأضاف الرشود أن علميات التلاعب والغش والمغالاة التي تحدث في الأسواق من أهم أسبابها الاندفاع الاستهلاكي غير المبرر من المواطنين، مبينا أن الأسواق المحلية معتادة على ارتفاع الإقبال قبل الموسم بلحظات، مما خلق الفجوة بين المستهلك والتاجر. وذكر الرشود، أن تكرار الاندفاع على الأسواق قبل رمضان على أسواق مواد الغذاء، وحاليا على أسواق الملابس، وبعدها على المكتبات والقرطاسيات، يجب أن يقابل بجهود من وزارة التجارة لرفع مستوى الوعي، ولخفض مستويات الاستهلاك الزائدة بسبب ضخامة الإقبال. وشدد الرشود على أهمية الشراء العكسي، مثل شراء احتياجات الصيف في وقت الشتاء والعكس، لتوفير السيولة ولتخفيف الضغوط المالية على الأسرة.