تتنافس القنوات الفضائية في شهر رمضان المبارك، وتحاول كل قناة جذب أكبر عدد من المشاهدين في كل عام عبر ما تعرضه من برامج ومسلسلات على مدار اليوم، الأمر الذي جعل المشاهد في حيرة من أمره حول ما يتابع من المواد المعروضة، في ظل تجاوز عدد القنوات الفضائية 1000 قناة، ما بين اجتماعية، وثقافية، ودرامية، ودينية، وإخبارية. وتحصد المسلسلات نصيب الأسد في سباق الفضائيات، إلا أن واقعية الأحداث التي يعرضها المسلسل كانت محور جدل لدى المشاهد والفنان، حيث دارت نقاشات حول مدى مصداقية أحداث كثير من المسلسلات، ونسبة مطابقتها للواقع المعاش. يقول الفنان عبدالعزيز المسلم، إن "القضايا التي تطرح في الدراما الخليجية متنوعة، كما أن الإنتاج قد أخذ أكثر من اتجاه، ما بين البدوي، والكوميدي، والمأساوي، ومناقشة القضايا المعاصرة، والتي قد يكون في بعضها نوع من التشابه في التركيز على تفكك الأسرة، وهنا تأتي مسؤولية الكاتب في معالجة هذه القضايا بعمق أبعد للعائلة الخليجية، خاصة أننا اليوم نفتقد الكاتب الجيد، والملم بالأوضاع الاجتماعية، والنفسية، والاقتصادية للمجتمع الذي يعالج قضاياه". وأشار إلى أن "من الخطأ الذي يقع فيه بعض الكتاب أن يجعل جميع الشخصيات تتحدث بأسلوب واحد دون التمييز بين الكبير والصغير، والجاهل والمتعلم، من ناحية اختيار المفردات، وردة الفعل وطريقة التفكير، خاصة أن البيت الخليجي يضم أكثر من جيل. الأمر الذي يتطلب من الكاتب إعطاء كل شخصية حقها من جميع النواحي". ويضيف المسلم أن "بعض النصوص التي تكتب يكون بالأصل كتابها عربا ليسوا من منطقة الخليج، فلا يجوز لمثل هؤلاء كتابة نصوص لمسلسلات خليجية دون أن يكونوا مطلعين على واقع المجتمع من مختلف النواحي، فالكتابة ليست ممارسة أو دراسة فحسب، بل إن الكاتب الجيد هو من يكون متابعا لقضايا المجتمع كي يجيد التعبير عنها كما هي بالواقع دون مبالغة أو تزييف. من جانبه أكد الفنان سمير الناصر، أن ما يعرض في القنوات الفضائية من مسلسلات مطابقا للواقع لايزيد على مانسبته 10 % من الواقع الذي نعيشه، حيث تعمد بعض شركات الإنتاج إلى التركيز على كل ماهو غريب عن المجتمع، وتسلط الضوء عليه متابعة القول السائد "خالف تعرف"، وما يشجعها على ذلك أنها تحصد نسبة كبيرة من المشاهدين، خاصة أولئك الذين يتابعون بشغف مثل هذه المسلسلات التي لا تصور الواقع كما هو، وتعمد إلى تصوير مشاهد العنف المبالغ فيه بعض الأحيان، مركزة في ذلك على جذب انتباه المشاهد بالدرجة الأولى الذي ينساق بطبيعة الحال وراء مثل هذه الأحداث، لما فيها من إثارة في العرض، وغرابة في التصوير، إضافة أن الإنسان بطبيعته يميل إلى الحزن ويتأثر كثيراً بما يشاهد. وطالب الناصر بضرورة التركيز على القضايا المهمة في المجتمع، وتسليط الضوء عليها في محاولة لعلاج مشكلة ما متهما بعض كتاب النصوص بتشويه الواقع في ما يكتبون، وخلق أحداث غريبة بغية جذب المشاهد، وبالتالي الربح المادي، والذي يبحث عنه كثير هذه الأيام. في حين يرى الفنان القطري غازي حسين، أن الدراما لها دور مهم في تصوير الواقع، وعرض مختلف القضايا، حيث يرى أن الدراما تصور الواقع الذي يعيشه المجتمع بنسبة 90% اعتمادا على أنها وسيلة إعلامية من مهامها تسليط الضوء على مشكلات المجتمع على تنوعها في محاولة لمعالجة الأمور، وكشف الخلل في بعض القضايا، وبالتالي هي تهتم بعرض الواقع وتصويره كما هو تحقيقاً للهدف المنشود منها. وأشار إلى أن بعض كتاب النصوص العرب الذين يكتبون للدراما في الخليج قد يكونون السبب في بعض الأحيان في عدم تصوير الواقع، كما أن كثرة القنوات الفضائية اليوم كانت السبب وراء انتشار المسلسلات والبرامج على تنوعها"، مضيفاً أن هناك نقصا في الكتاب الجيدين الذين يكونون العيون الساهرة على أحداث المجتمع. وأكد الناصر أهمية دور الرقابة في تحديد المقاييس الفنية والإنتاجية، فعليها رفض تلك الأعمال التي لا تحمل من الواقع شيئا لسد الطريق على كل من يقصد الربح المادي في العمل الفني.