البطولة في الأعمال الفنية لا تعني الأشخاص، وإنما تعني الأدوار التي يؤدونها، هكذا شهدنا في الأعمال الفنية القديمة، حيث كان العمل الواحد يذخر بعدد من النجوم والأبطال، لذلك كان من المفترض في الأعمال الفنية أن يتحول جميع عناصر العمل إلى أبطال بتوزيع الأدوار فيما بينهم، ولكن ما نراه في معظم الأعمال التي تتصدر الساحة أن البطولة تنحصر في شخصية واحدة، بحيث يتم تفصيل الدور على هذه الشخصية طوال المسلسل. وقد يرجع هذا الأمر في ذلك لكون أبطال الأعمال الفنية هم منتجيها، فالنجم هو صاحب مؤسسات الإنتاج الفنية التي تنتج العمل، وفي الوقت نفسه البطل. وفي الأعمال الفنية المنفصلة يفترض أن تكون المساحة أوسع لتوزيع البطولة بين عناصر العمل أكثر من الأعمال المتصلة، ولكن ما يحدث العكس، حيث نجد أن البطل في الأعمال المنفصلة يكرر نفسه في كل حلقة، ويحتكر البطولة في جميع حلقات العمل. نظرية الاحتكار ولدت لدى جيل الكومبارس في مسلسل "طاش ما طاش" إصرارا على الاستقلالية، وقد تحقق لهم ذلك، فكثير من الممثلين السعوديين الذين يتصدرون بطولة الأعمال الرمضانية خلال السنوات الأخيرة، كانوا كومبارسا في "طاش ما طاش"، ولم يصلوا إلى بطولة في جميع الأعمال التي عرفهم الجمهور من خلالها. وهذا إنجاز كبير وتحد مع النفس، خاصة أن البطولة كانت حلما لهؤلاء الذين كانت أدوارهم محصورة في بضع دقائق، لكنهم اليوم وقد استقلوا بأعمال فنية، عرفهم المشاهد من خلالها أبطالا، ولكنهم وقعوا في نفس الأخطاء التي وقع فيها أبطال "طاش ما طاش"، فهاهم اليوم يحتكرون أعمالهم الفنية، ويكررون أنفسهم كل عام، ولا يسمحون لأي موهوب أن يقترب من البطولة. أتساءل، ما الذي يجعلهم وقد اكتووا بنار الاحتكار يعيدون أخطاء الآخرين الذين سبقوهم، ويحتكرون بطولات أعمالهم ليكرروا أنفسهم كل عام، حتى سئم المشاهدون منهم؟. لو نظرنا مثلا إلى مسلسل "سكتم بكتم" الذي يحتكر بطولته الفنان فايز المالكي، نجد أن ذلك العمل الفني لم يعد قادرا على جذب المشاهد، ولابد أن يتوقف قريبا، إلا في حالة تنازل المالكي عن شيء من بطولة المسلسل، ويمنح الفرصة لوجوه جديدة مبدعة ما تزال في أدوار الكومبارس. الفنان الموهوب أسعد الزهراني يجمع بين خفة الظل، والموهبة في التقليد، والقدرة على التمازج مع الشخصيات، والخروج من كركتر، والدخول في آخر، كان له حضور مميز في الجزء الأول من مسلسل "بيني وبينك"، وهو فنان قادم بقوة لو أتيحت له الفرصة، ولكنه اليوم يدفع ثمن الاحتكار الذي دفعه المالكي في "طاش ما طاش" ومسلسل "عائلة أبو رويشد". لو تنازل الفنان فايز المالكي بجزء من بطولة مسلسل "سكتم بكتم " لفنان موهوب كأسعد الزهراني لأضاف إلى العمل إضافة نوعية، فمثلا شخصية "مناحي" مكررة سئم منها المشاهد، وحان الوقت لكي يتخلى عنها المالكي، الذي يؤدي بطولتين كل منهما في 30 حلقة في آن واحد، وهو ما لم يسبقه أحد إليه من قبل. فهل يجد أسعد الزهراني الذي كان له حضور مختلف هذا العام في بعض الأعمال فرصة البطولة؟، أم ينتظر حتى تتاح له الفرصة في تبني عمل فني، كما فعل فايز المالكي، وحسن عسيري وفهد الحيان؟.