الظلم لغةً، وضع الشيء في غير موضعه، وهو مجاوزة الحدّ والجور، اصطلاحا وضع الشيء في غير موضعه الخاص به بزيادة أو نقصان، أو بحَيد عن مكانه أو وقته. ويعرف أيضا أنّه التعدي عن الحق إلى الباطل، والتصرف في ملك الآخرين. من الظلم المتعلق بجانب الله تعالى، وهو ما يعرف بالشرك، وهو أعظم الظلم، ويتمثل في عبادة الإنسان لغير الله، "وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ" (13) لقمان. ومنه ظلم العبد لنفسه بما يقترفه من ذنوب وشرك ومعاصٍ، صغيرة كانت أم كبيرة، جليلة أو حقيرة، فهي محسوبة على العبد. وصنف ثالث وهو ظلم العبد لإخوانه، بأخذ حقوقهم وأكل أموالهم والاعتداء على أعراضهم، بالغيبة والسب والبهتان، فاللسان ينطوي تحته الغيبة، والنميمة، والسب والشتم، والسخرية، وشهادة الزور، والقذف، والضرب، والسرقة، والقتل، وأكل الربا، والتجسس، وتتبّع عورات الناس ظلم، وأكل أموال الناس بالباطل، وسلب مستحقّات العاملين والعاملات، والسائقين، والخادمات، أو تأخير ورواتبهم ظلم، وخيانة الأمانة ظلم، والتقصير في العمل أو الوظيفة ظلم، ونقض الميثاق والعهود ظلم، واستغلال عثرات الناس ظلم، واستغلال حسن النوايا ظلم، وعدم سداد إيجار المنازل ظلم، والمماطلة في تسديد الديون ظلم، واستقطاع شبر من أرض من ملك الغير ظلم، والمؤامرة ضد أي أحد من الناس ظلم، وكل ما فيه أذى للناس ظلم، قال تعالى (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً). وكان النبيّ -عليه الصلاة والسلام- يستعيذ من الظلم، وقد جعل من تلك الاستعاذة ورداً يوميّاً، وأمر المسلمين أن يستعيذوا من الظلم كلما خرجوا من بيوتهم، وما ذلك إلّا إشارة إلى خطورة الظلم بأنواعه، فالخروج من المنزل يزيد فرصة مخالطة الناس والتعامل معهم، لذلك قد يحدث الظلم ممن قسا قلبه وغاب ضميره، ولم يخش غضب الرحمن وعقابه. فكل ظالم متكبر جبار، ليته يقرأ قوله تعالى "وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا" (111) طه.