إن الطاعات و العبادات كثيرة , و تتفاضَل عند الله تعالى , و تتفاوت بتحقيق العبودية الخالصة بين عباده الذين خلقهم الله من أجلها , قال تعالى : ( و ما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون ) 56 , الذاريات , و تتفاوت في الأجر و الثواب , و كذلك الذنوب و المعاصي تعظم عقوباتها , و يعم شرها و بلاؤها على صاحبها و الناس , و إن الظلم من الصفات المذمومة التي حرمها الله ، قال تعالى : ( إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولا ) 72, الأحزاب , و قد حرمه الله على نفسه وعلى عباده، وتوعد الظالمين بعذاب أليم في الدارين، فالظلم له عواقب وخيمة كثيرة على الأفراد و الأسر و المجتمعات. قال الله تعالى في الحديث القدسي: ( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا ) رواه مسلم , وقال صلى الله عليه وسلم: ( اتقوا الظلم , فإن الظلم ظلمات يوم القيامة) رواه مسلم . و إن للظلم أنواعا كثيرة أعظمها و أخطرها هو الشرك بالله تعالى , حيث يظلم الإنسان نفسه , و يعصي خالقه , و يجر نفسه إلى الذنوب و المهالك ، قال جل و علا : ( إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ) 13 , لقمان , أو يظلم الإنسان نفسه، وذلك باتباع الشهوات و الملذات , فيكون مقصرا في حقوق الله , أو واجبات الأهل و الآخرين ، فيقع في الذنوب و المعاصي إلا ما رحم ربك , أو يظلم الإنسان نفسه عندما يظلم الناس , و يتعدى عليهم , فيضرب هذا , و يشتم ذاك , و يأكل مال اليتيم و غيره بالباطل , و يمشي بين الناس بالغيبة و النميمة و البهتان , و إن الظلم خلق ذميم ، و طبع لئيم ، يأكل الحسنات ، كما تأكل النار الحطب , و يورث بين المسلمين العداوة و البغضاء ، و قد يهلك الله الظالمين بظلمهم , أو يسلط عليهم جندا من جنوده التي لا يعلمها إلا هو , فالقصص القرآني قص علينا ما فعله الله بالأمم السابقة من أنواع العذاب و النكال و العقاب لما كفروا و أفسدوا و طغوا في البلاد مثل : قوم نوح و لوط و قوم عاد و ثمود و قوم فرعون و شعيب , و نجى الله المؤمنين برحمته . لذلك يجب على المسلم أن يتقي الله تعالى, و يحذر الظلم , و يرد الحقوق إلى أهلها , و يطلب العفو منهم , فالله يعفو عن حقه , و لكن لا يعفو عن حقوق الآخرين و الشاعر يقول : لا تظلمّن إذا ما كنت مقتدرا * فالظلم مرتعه يفضي إلى الندم تنام عيناك والمظلوم منتبه * يدعو عليك وعين الله لم تنم واحذر أخيّا من المظلوم دعوته * وإن تصبك سهام الليل في الظلم عبد العزيز السلامة