لا يعرف طعم حرية التقاعد إلا من مارس حياته الخاصة قبل دخوله للقطاع العام، الذي يعتبر «خدمة وطنية»، ولكنه قاتل للطموح، ولا سيما في البيئات البيروقراطية. حتى قال الساخرون (مت – قاعد) لكونه يأتي في نهاية العمر، فلا تستفيد من حريتك في عالم الأعمال والسفر. كما قالوا عن الراتب الذي يسمى بالعامية «معاش» إنه (ما – عاش) من رهن حياته به دون مصدر دخل آخر. ولذا لا يظهر الأغنياء من المرتهنين بالوظائف العامة، إلا في حال استغلوا أعمالهم بشكل غير شرعي. ولا يصبر على العمل الحكومي – في نظري – إلا أحد ثلاثة. أولهم: ضعيف القدرات ومحدود الطموح، الذي يريد الأمان الوظيفي في حده الأدنى. وثانيهم: الذي يستغل عمله للوجاهة الاجتماعية، أو للإثراء غير المشروع. وثالثهم: الوطني «المحتسب» الذي يمكنه الانعتاق من الوظيفة العامة نحو عالم المال والأعمال، ولكنه يقدم المصلحة العامة على مصلحته الخاصة. وهذا مثل رجال الأعمال الكبار الذين يقبلون بتولي المناصب ويتقاضون عليها بعض ما كانوا يتقاضونه، وذلك لهدف وطني، أو وجاهي، والنادر من يكون قصده غير نزيه. ولذا أدعو أبناء وبنات الجيل الجديد - وهم يشكلون أكثر من نصف السكان - ألا يرهنوا حياتهم ومستقبلهم بوظيفة حكومية. ولا سيما والدولة تتجه لرؤية 2030 بتقليل أعباء القطاع العام، نحو توسيع القطاع الخاص، وخصخصة الأجهزة الحكومية، لترشيد المصروفات، وتطوير الأداء. فالمستقبل لأحرار الأعمال الخاصة.