حلم الشهرة والمال، حق مشروع للجميع، وعلى كل من يحلم أن يحقق حلمه دون ضرر الآخرين أو انتهاك خصوصياتهم. تحقيق الشهرة أحياناً يكون هوساً وجنوناً، فيتجرد البعض من كل القيم والمبادئ فقط ليكون محور حديث الآخرين، فيسمع باسمه القاصي والداني، وبعدها يكون مسوقاً محترفاً ويكسب مئات الآلاف. وحينما يفشل البعض في عمل ذلك يستغل أطفاله، الطفل الذي هو مؤتمن عليه كالبذرة التي تختار لها أرضا طيبة لينمو فيها فيزهر ويثمر. مواقع التواصل الاجتماعي ليست بالأرض الطيبة، وليست المدينة الفاضلة. أي مستقبل ينتظر الجيل الذي إما تعرض مبكراً لقنوات التواصل الاجتماعي دون رقابة فضاعت لديه القدوة واهتزت لديه القيم، أو عمل فيها وأصبح أحد روادها دون هدف أو محتوى، فقط بحثاً عن الشهرة وتحقيق المكاسب المادية تحت ضغط مستمر من عائلته. ليس من مهام الطفل كسب المال أو زيادة دخل عائلته. إن ما يتعرض له الأطفال من استغلال في مواقع التواصل الاجتماعي، هو اختراق وانتهاك لحقوق الطفل التي أقرتها منظمة اليونيسيف ومخالفة لاتفاقية حقوق الطفل الموقعة عام 1989، والتي تنص المادة 32 فيه على حق الطفل في حمايته من الاستغلال الاقتصادي، ومن أداء أي عمل يُرجح أن يكون خطيرا، أو يعيق تعليمه أو يضر صحته أو نموه البدني أو العقلي أو الروحي أو المعنوي والاجتماعي. استغلال الأطفال على قنوات التواصل الاجتماعي لكسب المتابعين، ومن ثم التسويق للمنتجات بهدف الربح المادي، هو نوع من عمالة أطفال ولكن بطريقة مبطنة وأكثر أناقة. الانخراط في مواقع التواصل الاجتماعي في سن مبكرة ومواجهة الجمهور بكل طبقاتهم ومستوياتهم، يعرض الأطفال لكثير من المخاطر، منها فقدان خصوصيتهم، ويفقدهم براءة فكرهم ويؤثر في تحصيلهم العلمي. وكذلك ممكن أن يعاني مشاهير السوشيال ميديا الصغار، من التنمر الإلكتروني مما يؤذي صحتهم النفسية والذهنية وتبعاً الجسدية. البعض ربما يبرر استخدامه لأطفاله على أي من منصات التواصل الاجتماعي بمشاركته يومياتهم، الطفل لا يدرك صحة هذا من خطئه، ولا يملك حق الخيار، فوجد حياته ملكا للآخرين دون أن يقرر هو ذلك، ودخل صراع بيئة العمل والمنافسة، والبقاء لمن يقنع المتابعين أكثر ومن يبيع أكثر دون مقاييس لأن الأذواق تختلف. مهما كان إشراف الأهل على حساب أطفالهم مشاهير السوشيال ميديا، إلا انهم لا يستطيعون إدراك تلك التأثيرات العميقة التي خدشت طفولة أبنائهم، لأنهم لم يبقوا صغاراً كالصغار، ولم ينضجوا كالكبار، فأصبحوا كباراً صغارا. بالرغم من كل العقوبات التي من الممكن أن تحدث لمن يستغل طفلاً قاصراً للكسب المادي، إلا أن طريقة تقديم هذا الطفل لمنصات التواصل الاجتماعي مبطنة، علينا أن ندرك أن إقحام الطفل لعالم السوشيال ميديا نحر للطفولة، واستغلال مادي لهم، فكيف يصبح الطفل مصدر رزق لأهله، بينما كل مواثيق الأرض ضمنت له الحق في الغذاء والتعليم والعلاج، وكفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت.