في ظل الظروف الحالية لم يتوقف المثقفون عن ممارسة نشاطهم الثقافي، حيث قامت بعض الأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون وبعض المؤسسات الثقافية الأهلية بإقامة العديد من اللقاءات والبرامج مستعينة ببعض البرامج الإلكترونية لإقامة هذه الندوات والأمسيات. قوة ناعمة أكد رئيس مجلس إدارة ادبي أبها الدكتور أحمد آل مريع أن انطلاق البرامج من المؤسسات الثقافية والأندية الأدبية عن بعد جاء يوكد مرونة هذه المؤسسات وقدرتها الواسعة على إثراء المشاهد، كما أنها بلغة الأرقام رفعت وبقوة المحتوى العربي على الفضاء السيبراني، وهذه قوة ناعمة تصنعها الثقافة، مبينا أنها تحتاج إلى تقنين هذه النشاطات وتحكيمها لتقديم القيم والمثري وما هو في صلب مسؤوليتها كمؤسسات ثقافية». وأضاف عضو مجلس إدارة أدبي الطائف عبدالعزيز عسيري، «في العموم كانت خطوة رائعة، وأحدثت حراكا جيدا وتقاربا بين المثقفين والمهتمين رغم بعد المسافات، وإن كان يعاب عليها عدم وجود جهة تنسق بين هذه المنصات، لأنها أصبحت شبه عشوائية، إلا أنني أؤيد استمرارها، وأتمنى أن تبقى ضمن الأنشطة، ولا أعتقد أنها تحقق عوائد اقتصادية، لكن مردودها الثقافي والاجتماعي عالٍ على الطرفين، خاصة للمثقف، لأنها تحقق له انتشارا والتقاء مع متلقين من كل الأقطار، وبالتالي الحوار أكثر مساحة وتنوعا». التفاعل الإنساني أشارت الدكتورة ميساء خواجه إلى أن تجربتها لحضور الندوات الثقافية الإلكترونية كانت جميلة رغم ما يصاحبها من إشكاليات ضعف الصوت أو انقطاعه المتكرر، فيما يحسب لمثل هذه الندوات والأمسيات أنها استطاعت جمع أطراف من أماكن متعددة، منها ما هو داخلي على مستوى مدن المملكة ومنها ما هو أوسع مدى شمل أمريكا وعددا من المدن العربية. رأت أن هذه الطريقة تمكن المؤسسات من دعوة أي مبدع وإقامة ندوة تفاعلية ويمكن أن تفتح بابا لمشاركة دولية في المناسبات الثقافية مثل معرض الكتاب وغيره دون تحمل أعباء اقتصادية كبيرة، ودون الحاجة إلى إعداد برنامج زيارة قد يعتذر المبدع عنه نظرا لضيق وقته. من جانب آخر أضافت: «أنا أؤيد استمرارها ضمن الظروف التي أشرت إليها لكن لا أراها حلا وحيدا ونهائيا فالتفاعل الإنساني المباشر مهم أيضا وهو أمر لا يمكن أن تحققه التكنولوجيا». لقاءات المثقفين أوضح الكاتب وحيد الغامدي أن الأندية الأدبية والمؤسسات الثقافية تأخرت في الدخول إلى العالم التقني، رغم العديد من المطالبات أبرزها بث الفعاليات لمن هم خارج المدن التي لا تقام فيها، أو حتى لمن لم يتمكن من الحضور، فضلا عن تسجيلها ورفعها على مواقع التواصل الاجتماعي، مشيرا إلى أنه لا يزال للحضور في مقرات المؤسسات الثقافية نكهته وأهميته الأبعد من محتوى الفعالية، حيث لقاءات المثقفين وتواصل الأجيال ببعضها وتحاورها. خيارات متعددة أضافت الروائية حنان القعود «كثرة الفعاليات الثقافية الرقمية يفقدها المتعة، إذ أصبح بعضها زيادة عدد دون نفع يذكر. ولم تقتصر فقط على الأمسيات والندوات، فهناك كثرة في عدد الدورات والمدربين والهواة الذين انتهجوا التدريب فجأة»، مشيرة إلى أنها تعود بالنفع لمن يحسن استثمارها، ويستطيع حجز مساحة وجذب المتلقي بذكاء. بينما تكون نتيجتها عكسية لمن لا يملك محتوى جاذبا، حيث أصبح المتلقي الآن أكثر دقة وضراوة في التعبير عن رأيه. الثقافة الرقمية أكد الإعلامي وعضو هيئة التدريس بجامعة الأمام سعيد الدحية أن الأجيال الشبكية الجديدة تتعاطى بمرونة عالية مع الثقافة الرقمية وعوالمها ومزاجها العام، أما الرقميون المهاجرون الذين ارتحلوا من البيئات التقليدية إلى الرقمية فسيجدون بعض الصعوبة في تقبل مثل هذا السلوك أو الثقافة الرقمية، لكنها ستستمر نظرا للمعطيات التي توفرها وأهمها الاستجابة للروح الرقمية الجديدة التي لا تألف ما ليس سريعا وسهلا ويسيرا وأريحيا». مميزات الثقافة الرقمية -إيجاد تفاعل ثقافي وتواصل بين المبدعين الذين تباعدت بينهم المسافات -رفع المحتوى العربي على الفضاء السيبراني -فتح بابا للمشاركة دولية في المناسبات الثقافية -انتظام العمل بتكاليف أقل مع احتراف أكبر -توسع دائرة المتابعة والخطاب لينتفع بها شرائح أكبر على مستوى التلقي