شهدت الأمسية التي أقامتها «الجمعية العلمية السعودية للأدب العربي» بالتعاون مع نادي الرياض الأدبي الثقافي، حضورا، وتفاعلا كبيرا، مع ما قدمه المشاركون في ندوة: (الأدب في قنواتنا الإعلامية: تجارب وشهادات) مساء أمس الأول، بمقر النادي، التي استمرت قرابة الساعتين، بمشاركة الزميل الدكتور إبراهيم بن عبدالرحمن التركي، مدير التحرير للشؤون الثقافية بجريدة الجزيرة؛ والأستاذ عبدالعزيز بن فهد العيد، المشرف على القناة الثقافية السعودية؛ والأستاذ محمد بن عبدالعزيز الخنيني، من إذاعة الرياض، وإدارة أمين الجمعية الدكتور عبدالله بن أحمد حامد. وقد استهل الزميل التركي مشاركته الرتجلة قائلاً: إذا كان الأدب هو الأخذ من كل فن بطرف، فإننا هنا قد نلتقي مع البعد الثقافي الشامل، ولعلنا نعلم ما ذكره (سارتر) في كتابه «ماهية الأدب» الذي حاول أن يتحدث عن هذا المنتج «الفردي» ذي الصبغة الاجتماعية، الذي استعرضه من خلال كونه منتجاً ذا صبغة شاملة، فيها الالتزام وفيها الحرية.. في جانب الأدب. أما عن الجانب الثقافي في سياق تجربته الصحفية من خلال جريدة الجزيرة فأوضح التركي، أن الصفحات الثقافية لم يكن مسماها صفحات أدبية إلا خلال سنة واحدة، صدرت تحت مسمى (أهل الأدب) خلال فترة أشبه ما تكون بالطارئة، مشيراً إلى أنه خلال تلك الفترة كانت الصفحات بوجه عام تتخذ في الصحافة المحلية صبغة الثقافي لا التحرير الأدبي.. مشيراً إلى أنه من خلال تجربته الصحفية، ممن يعتنقون نظرة أشبه ما تكون لديه بالنظرية، التي قال عنها المغربي محمد بنعيسى في تعريفه للثقافة إذ عرفها بقوله: إنها محاكمة السائد. وأضاف التركي في سياق حديثه عن هذه المحاكمة قوله: يبدو لي أن محاكمة السائد، هي النقطة الخافية في العملية الثقافية، لسبب بسيط، يتمثل في كون هذه المحاكمة تعطيك الفرصة كي تقرأ وتقوم وتستنتج وتستقرئ، وأن تخرج من هذا الإطار بعقليتك أنت، حتى لا تكون مجرد مستنسخ.. أو مجرد ناقل.. أو مردد، وخاصة في ظل التحولات الإعلامية الكبيرة التي نشهدها اليوم، والتي أرى من خلالها في الإعلام الرقمي أن الثقافة هي المحتوى المفتقد في هذه الوسائل، مقارنة بما كان يفترض أن تقوم به من دور ثقافي ناقد وواع، وألا يقتصر دورها على كونها وسائط ناقلة. وعن واقع القنوات الإعلامية الثقافية، في الصحافة، والإذاعة، والتلفزيون، عطفا على موضوع الندوة قال التركي: لا بد لنا عند الحديث عن هذا الجانب من قراءة تاريخية سريعة، لنشأة الصحافة الثقافية، مما يفترض لتحرير البعد «الثقافي» في صحافتنا المحلية، أن نعود إلى العديد من الصحف خلال الخمسينيات، كما هو الحال في صحيفة (صوت الحجاز) وغيرها من صحف تلك الفترة، التي تظهر لنا أن البعد الأدبي آنذاك أخذ مساحة كبيرة وممتدة عبر العديد من الصحف، الذي ربما جاء – أيضا – نتيجة للواقع الثقافي المحلي خلال تلك الفترة من تاريخ الصحافة الأدبية، وواقعها الثقافي. كما استعرض التركي في سياق البعد الأدبي الذي كان سائدا في الصحافة الأدبية، من خلال العديد من الأمثلة التي أورد ضمنها موقف الأدباء في المملكة من بعض ما كان ينشر في بعض الصحف العربية عن الصحافة والأدب في المملكة، التي ذكر منها رد أحمد الغزاوي، وفؤاد شاكر على بيتي أحمد شوقي.. مشيرا إلى العديد من شواهد الصحافة الأدبية فيما كانت تمثله صحافة الأفراد، ما قبل وبعد توحيد المملكة العربية السعودية، موضحا أن (صحافة الأفراد) قامت بجهود الأدباء الذين كرسوا أقلامهم، وأدبهم، وأشركوا الأدباء – أيضا – في تحريرها، كالأضواء، الرائد، الإشعاع، الجزيرة، اليمامة، حراء، قريش.. وغيرها من صحف الأفراد، التي كان يرأس تحريرها الأدباء.. ومن ثم سيطرت الصبغة الأدبية على مادتها التحريرية. وعبر تتبع التركي للبعدين الأدبي والثقافي في الصحافة، استعرض في هذا الجانب، التحول إلى (صحافة المؤسسات) أشار إلى أنها تمثل منعطف التحول، إذ شهدت تحول الأدباء في الصحافة من الرقم الفاعل المسيطر في العملية الصحفية، إلى مجرد رقم عابر، يتقدمه صحفيو المؤسسات وفق مجالس، ورئاسة تحرير، وإدارات تحرير لم يعد يشغلها غالباً أدباء، مؤكداً أهمية الوقوف عند مفاصل التحولات الصحفية التي من شأنها الكشف عن التحول الكبير في قنواتنا الإعلامية الثقافية، التي لا تقارب بينها فيما يتصل بمتناظرات: الزمن، والوسيلة، والمتلقي، والدور، والقائمون عل ى هذه الوسائل، المرحلة.. مما أفرز تغيرات كبيرة في مسار الصحافة عامة، والصحافة الثقافية على وجه الخصوص. أما عن محور المعايير التي تسير آلية العمل الثقافي الصحفي، التي يحتكم المسؤول الثقافي إليها، من خلال تجربة الزميل التركي، قال: ليس لدينا معايير ثابتة، تسير آلية العمل بشكل مطلق لما ينشر، وما لا ينشر، إذ لسنا مجلات محكمة، تحتاج إلى لجان ومعيارية نخبوية، وإنما تقتصر معايير النشر الصحفي على ما يمكن أن أصفه بالمعايير السريعة، البسيطة، إلى جانب معايير الرقابة التي ترتفع وتنخفض بين فترة زمنية وأخرى.. مشيراً في هذا السياق إلى أن أصعب ما مر به خلال تجربته الصحفية في هذا الجانب معايشته الصحفية لفترة الصراع بين الحداثة من جانب.. والصحوة من جانب آخر.. مردفاً قوله عن تلك الفترة: كان من الصعب أن نخرج سالمين، إذ حاولنا خلالها أن نحيد أنفسنا، لنظل نسير في المسار الأسلم، أو الأخف ضررا.. مردفا قوله: إلا أن الكارثة الكبرى عندما تتحول الرقابة إلى وصاية على الأدب والثقافة. وفيما يتعلق بتجربة التركي في محور الندوة في جانبها «الرقابي»، أكد أنه عندما انضم إلى الجزيرة لم يكن يحذف من أي مقال ولو كلمة واحدة، وإنما كان يكتفي بالتعليق إلى أنه كمسؤول عن نشر المادة يكفي أن يقدم رؤيته تجاه ما أجاز نشره، واعتقادا منه خلال فترة سابقة من تجربته الأكاديمية، أن الدور الرقابي قد ينتهي عند تسجيل موقفه مما يجد فيه تجاوزا، مما جعل الجانب الرقابي يأخذ منحى آخر، نظراً لمتغيرات زمنية، وتحولات فكرية، واجتماعية، لها تأثيرها الوضاح على مختلف وسائل الإعلام. وعلى محور (المستوى الفني) الذي يدير دفة النشر الثقافي، أكد التركي أن المسألة في هذا الجانب خاضعة للمعاير الفنية المعروفة لدى المثقفين والمبدعين عامة، التي لا تعتمد المعايير (الصارمة) التي من شأنها أن تجنح إلى كل ما هو نخبوي على مستوى الأسماء.. والأعمال الإبداعية، مؤكدا أن المعيارية في هذا الجانب قابلة للتفاوت بالنظر إلى طبيعة النشر الصحفي اليومي، الذي تشترك فيه الجزيرة مع غيرها من عامة الصحف، عطفا على وظيفة الصحافة، وطبيعتها الإعلامية. كما استعرض التركي في سياق حديثه عن محور (التحرير الثقافي) جملة من النقاط الرئيسة في هذا الجانب التي ذكر منها: الاهتمام بالتنوع في المحتوى، الطرح الثقافي بوصفه الشمولي، الانفتاح على مختلف النصوص الإبداعية، من قصة، وخاطرة، ومقالة، وقصيدة.. إلى جانب الدراسات ثقافية، التي يرى التركي أنها أصبحت المسيطرة والحاضرة بشكل متنام في عامة تحرير الصفحات الثقافية في الصحافة المحلية.. مستحضرا في هذا الجانب العديد من المواقف التي تعكس تفاصيل العلاقة بين المثقفين والأقسام الثقافية من جانب.. والقراء والأقسام الثقافية من جانب آخر.. مختتما حديثه في هذا السياق بقوله: التعامل مع المثقفين صعب جدا، فمن الصعب أن تنال رضاهم كلهم، من الصعب أن تلم شتاتهم، ومن الصعب – أيضا – أن تأتي إليهم كلهم.. وبالتالي فلا بد من المرونة الكاملة في التعامل مع المثقفين، والاحتواء الكبير لمختلف ما ينتجونه من ثقافة. من جانبه استهل عبدالعزيز العيد حديثه قائلاً: لن يكون حديثي من قبيل الحديث عن المسافة والامتداد نفسه الذي امتدت عبره الصحافة عطفاً على سببين رئيسين، أولهما العمر الزمني للقناة الثقافية التي لم تتجاوز بعد السبع سنوات، أما السبب الآخر، فبالعودة إلى تجربتي الشخصية مشرفا على القناة الثقافية التي بلغت عامها الأول. وعن تجربة العيد في قناة ثقافية تلفزيونية، ذكر أن العمل في قناة ثقافية (متخصصة) في هذا الزمن، في ظل ما يشهده الإعلام الرسمي من متغيرات وتحولات تحيط به وتتداخل معه عبر وسائل التواصل المجتمعي، الذي انتقلت معه وسائل الإعلام إذاعة وصحافة و تلفزيون، إلى مرحلة يمكن وصفا بداهة بمرحلة (التحديات) ومرحلة (المعاناة) التي تعشها الوسائل عبر تحديات متواصلة، وخاصة إذا ما تم الأخذ بالاعتبار كون الوسيلة الإعلامية ثقافية، وأنه لابد ان يكون لدى جماهيرها قناعة تامة بأن الأدب جزء من الثقافة، وبالتالي جزء من مكونها الإعلامي. وقال العيد في سياق حديثه عن محور الندوة من خلال تجربته مشرفا على القناة الثقافية: نتابع كل ما يدور من أعمال ثقافية مؤسسية على المستوى المحلي، والعربي- أيضا - ونحاول دائما اللحاق بمستجدات الأحداث الثقافية المختلفة محليا وعربيا.. مشيرا إلى أنه وإن كانت القناة (الثقافية) تتميز بأنها القناة الوحيدة في مجالها محليا، إلا أنها مع ذلك لم تبلغ الصورة التي تنشدها إدارة القناة، والتي ينشدها خاصة المثقفين وعامة شرائح المجتمع. أما عن محور (دور القنوات الإعلامية الثقافي) فأكد العيد خلال حديثه عن هذا الجانب، بأن الشأن الثقافي شأن «دول» موضحا بأن هذا الشأن ليس شأن مؤسسات.. أو أفراد.. خاصة في ظل التحديات والتحولات المتنامية التي تشهدها وسائل الإعلام من جانب، وغياب دور القطاع الخاص دعما.. ورعاية.. لقنوات الإعلام الثقافية إذاعة.. وصحافة.. وتلفزيون من جانب آخر.. مؤكدا على أهمية الدور الرسمي في هذا الجانب قائلا: على الحكومات في عالمنا العربي التصدي للشأن الثقافي والنهوض به، وذلك بدعم الوسائل الإعلامية أولا، إذ يتحتم الدول ممثلة في وزارتها العناية بالثقافة بوصفها أبرز حوائط الصد المهمة للتصدي للظواهر الاجتماعية والفكرية والثقافية. وأوضح المشرف على القناة الثقافية، أن مسألة اختيار برامجها، تبدأ من خلال الاعتناء باختيار الفكرة، ومدى جودتها، وجدتها، وعمق تناولها، وإمكانية تنفيذها عطفا على إمكانات القناة، خاصة في الجانب المادي، ومدى تحقق الاستمرارية للفكرة، خلال دورة تلفزيونية برامجية كاملة بنفس الجودة.. مشيرا إلى أنه حرص على دعم عدة برامج، وأوقف أخرى، لأسباب عدة، أورد العيد منها: ارتفاع التكاليف المالية، تدني مستوى البرنامج، اعتذار المعد.. مبيناً أن القناة حريصة على تقديم برامج على المستوى المحلي والعربي، من خلال التوجه ببعضها إلى النخب الثقافية، وأخرى لكافة الشرائح الاجتماعية، وثالثة للمشاهد العربي. ومن خلال تجربة العيد الثقافية على القناة، ومدى ما لمسه من تفاعل المثقفين معها قال: هناك تجاوب بقدر.. وامتناع بقدر آخر.. أما بعضهم فيتصور أنه مركز العالم ويرى أنه المثقف المتفرد عن كل ما سواه.. ومن المثقفين من يقول ما لا يفعل! عدا أننا مع كل هؤلاء ومن موقعنا في القناة الثقافية نرفع اللوم على المثقفين لكونها قناتهم باعتبارهم مثقفين، إلا أنها – أيضا – لعامة المشاهدين بالمفهوم الثقافي الشمولي، ولعموم الجماهير. ومضى العيد في حديثه عن محور ( المحررون) مؤكدا على أن المذيعين والمحررين ليسوا بالمستوى المطلوب، مفترضا في الذين يلتحقون بالقناة الثقافية مرورهم بعدة مراحل أهمها: الفحص.. الاختبار.. التدريب عالي الجودة.. التطوير المستمر مردفا قوله: خلال تجربتي التي تجاوزت عامها الأول في الإشراف على القناة الثقافية وجدت من خلالها مجرد أن هناك من يصدق عليهم (موظفين) إذ لا يمكن وصفهم لا بالإعلاميين ولا بالمثقفين، فلم ألمس بالمعيارية التي يفترض أن تكون ما يمكن القول عنه بأن هذا أو ذاك يستحق وصف «الممتاز» وبودي ألا يكون هناك أداء مقبول في أي جانب من جونب هذه القناة، لكنه الواقع.. والمعطيات الموجودة أمامي كمشرف عليها. أما عن محور( التحولات الإعلامية في وسائل الاتصال والإعلام) أشار العيد إلى أن هناك دوراً كبيراً لتلك الوسائل التي يمثلها الإعلام المجتمعي عبر شبكات التواصل الرقمي، التي تم استثمارها عبر القناة عبر عدة مستويات، من خلال البرامج، وعبر (الوسم) التفاعلي مع القناة، حيث ذكر منها: وسم الشاعر # محمد الثبيتي – رحمه الله – إلى جانب قصائد مختارة لشاعر البيد بصوته، وبصوت مذيعين.. ووسم (# مدبرة) لحفظ النعمة، الذي صحبه على المستوى التفاعلي، عدة برامج استمرت لثلاثة أيام.. ووسم ( # ماذا يريد المثقفون من القناة). كما أوضح العيد أن المشاهدين على موعد مع عدد من المبادرات البرامجية، التي منها ما شرعت فيه القناة منذ انطلاقة دورتها البرامجية للعام الجديد التي جاء ضمنها (مبادرة الأفلام القصيرة) حيث قامت القناة ببث (44) فلماً قصيراً للشباب، بواقع (3) أفلام أسبوعياً، مشيراً إلى أن القناة تسعى إلى إقامة (مهرجان الأفلام القصيرة) و (مهرجان القراءة) إضافة إلى إقامة مهرجانات للفن التشكيلي، والتصوير الضوئي.. إلى جانب مبادرة ستشهدها القناة بعد انتهاء فعاليات المهرجان الوطني للتراث والثقافة لهذه الدورة، التي خصصتها القناة للمواهب الشعرية (فئة الشباب). وختم المشرف على القناة الثقافية مشاركته، بأن تحويل الأعمال الأدبية المتميزة إلى دراما يحتاج إلى ميزانيات لا تمتلكها القناة، وبأن دور القناة على مستوى الخطاب الثقافي أن تنقله محليا وعربيا، مشيرا إلى أن هناك ورشة عمل ستعقد مع جمع من المثقفين للخروج برؤية مشتركة تخدم المحتوى البرامجي للقناة، مضيفا قوله فيما يتصل ببث الشعر (الشعبي): لم افتح له نافذة، لتظل الفصحى هي الأساس، لا لكون الشعر الشعبي سيئا ولكن لما وضعت من اجله القناة، باستثناء برنامج (الراوي) بوصفه يتحدث عن الحكاية والأسطورة من منظور شعبي. أما محمد الخنيني، من إذاعة الرياض مشاركته، بالتأكيد على أهمية (الشراكة) و (التكامل) بين وسائلنا الإعلامية عامة، وتعاضدها في العمل الثقافي خاصة، مشيرا إلى الإسهامات التي تحققت من خلال الشراكة بين إذاعة الرياض فابتدأ، والنادي الثقافي الأدبي بالرياض، وما استطاعت أن تقدمه الإذاعة من برامج مختلفة عبر تعاون أثمر على مستوى البرامج، وعلى جانب استقطاب الأدباء والمثقفين، وساهم – أيضا – ن جانب آخر في إبراز دور النادي من خلال العديد من الف عاليات. ولم تكن العقود (الذهبية) للإذاعة غائبة، عن ذاكرة الخنيني، الذي استحضر خارطة من أسماء الأدباء والمثقفين من جيل الرواد، عبر العديد من البرامج الإذاعية التي كانوا يعدونها.. أو يقدمونها، إلي أسهمت بدورها في الحركة الأبية والثقافية في المملكة، والتي تجاوز العيد من برامجها المحلية، إلى أن يكون له أثيره (العربي) مشيرا إلى أنه مع ما مثلته وتمثله إلا أنها حسب تعبيره: تظل بمثابة الحديثة الخلفية لوسائل الإعلام، وخاصة في ظل زمن الصورة، وما نشهده من متغيرات كبرى. ثم استمع حضور الأمسية إلى تسجيل لعدد من البرامج الإذاعية التي كانت تجسد حضور إذاعة الرياض في جانبها الأدبي والثقافي.. التي تضمنها العرض التسجيلي: برنامج من القائل؟؛ من المكتبة السعودية؛ مع القوافل؛ قراءة في مكتبتي؛ كتاب وقارئ؛ بيت من الشعر؛ مقامات سعودية؛ مدينة من بلدي؛ أوراق شاعر؛ عقود الجمان، سلامة اللسان.. التي عقب عليها الخنيني عبر جملة من المحاور: قيمتها الأدبية، فضاؤها الثقافي، استقطابها للأدباء، استضافتها للمثقفين والرواد، قيمتها الإذاعية والثقافية، مستعرضا من خلال ذلك ما تشهده القنوات الإذاعية من تحديات يقابلها تراجع وانحدار في النوعية، والإقبال الجماهيري. وأضاف الخنيني: مع كل ما تشهده إذاعة الرياض من تحولات وتحديات كسائر الإذاعات، إلا أننا نسعى عبر التجديد والابتكار إلى أن يكون لدينا ما لا يقل عن 20% من البرامج الأدبية والثقافية كحد أدنى، فبعض البرامج خرجت في كتب ك(عقود الجمان) و برنامج (من القائل؟) وكتب ذات قيمة أدبية وثقافية عالية، تم تحويلها إلى برامج.. ومن البرامج ما أصبح موضوعا للدراسات العلمية الأكاديمية. وعن دور إذاعة الرياض الثقافي، أكد الخنيني، ختاما لمشاركته، أن الإذاعة لم تكتف بنشاطها داخل الأستديوهات، إذ توسعت في تسجيل الندوات والمحاضرات والفعاليات المصاحبة للمهرجانات الوطنية كالجنادرية ومعرض الكتاب وسوق عكاظ.. إضافة إلى حرص الإذاعة على تقديم برامج (مباشرة) واستكتاب الطاقات الثقافية، وقادة الفكر والرأي واختيار من لديهم قدرة على الإعداد والتقديم الإذاعي الثقافي.. مشيرا إلى أن إيقاف بعض البرامج مرتبط بدورة إذاعية برامجية، أو لأسباب تتعلق بتراجع مستوى الحلقات، أو لاعتذار معد أو مقدم لظرف طارئ ما. أعقب ذلك مداخلات الحضور وأسئلتهم التي جاء ضمنها مداخلة للإعلامي والمسرحي نايف البقمي، الذي تساءل عن صحافة المؤسسات وموقفها من الأدب خاصة، وأهمية الأخذ بعين الاعتبار أن الملاحق الأدبية سجل وثائقي، وما يقابله من دور مناط بإدارة تحرير الشؤون الثقافية في وسائل الإعلام.. وهل هي صانع للثقافة أو مجرد ناقل لها. كما تساءل الدكتور عبدالعزيز المانع، عن غياب ملحق صحفي يهتم بالتراث العربي.. فيما جاءت مداخلة مازن الجعيد عن مفهوم المثقف، والدور الذي يجب أن يجسد هذا المفهوم.. بينما تحدث الدكتور عبدالمحسن الحقيل عن دور مديري التحرير الثقافي تجاه تدريب محرريهم، ودورهم تجاه إبداع الشباب بوجه خاص.. فيما أكد منصور العمرو على واقع الرقيب و الرقابة، فيما رأى بندر عثمان الصالح أهمية الرعاية للإعلام الثقافي. كما تحدث الدكتور سعيد يقطين، عن جدلية علاقة الإعلام بالأدب من جانب والثقافة من جانب، والأديب عندما يشتغل بالإعلام، والمثقف عندما عند ما يشتغل إعلاميا.. بينما تساءل الدكتور محمد الهدلق في مداخلته عن أهمية تحرير الأديب المثقف.. الناقد.. ومدى تحديد هذه الصفات من منظور إعلامي في القنوات الإعلامية الثقافية.. فيما اعتبر هاني الحجي أن هناك حالة من لبس الفهم بين الدور والخطاب الذي يسند إلى الوسيلة بدلا من دور المثقف.