من الأمور الملاحظة في لعبة كرة القدم أن الفريق الذي يتعرض مرماه لهدف من الخصم، يُظهر غالبا ردة فعل سريعة تتمثل في إخراج الكرة من المرمى بسرعة، وهذا مؤشر على أن أفراد الفريق لديهم العزم على العودة واستلام زمام المبادرة لتعويض الهدف. وبعض الفرق تكون لديها ردة فعل أخرى تتمثل في سقوط أفراد الفريق على الأرض وتبادل العتاب واللوم بين المدافعين والحارس، وهذا مؤشر يدل غالبا على أن الفريق سيفشل في العودة إلى المباراة وتعويض الهدف، بل قد يتلقى أهدافا أخرى. في حياتنا نتعرض أيضا لمثل هذا الموقف، عندما يوجه لنا أحدهم نقدا لاذعا أو سخرية مبطنة، الهدف منها التحطيم النفسي، أو ضرب الثقة بالنفس، فإن الحل في هذه الحالة هو إخراج الكرة من مرمانا، ونقلها إلى ملعب الخصم. أما الاستسلام والسقوط فقد يجرنا إلى الهاوية ويجعلنا معرضين لتلقي ضربات جديدة. فن الرد على السخرية المبطنة أو ما نسميه «الدق» بالكلام هو أمر يمكن اكتسابه بالمران والقراءة، نجاح الشخص في نقل الكرة من ملعبه لملعب الخصم كاف تماما لمحو الأثر النفسي السيئ الذي قد يحدثه الكلام الجارح أو السخرية. يقال إن شكسبير قال له أحد منافسيه في الأدب والكتابة: أنت تلهث من وراء قلمك للمال، أما أنا فأبحث عن الشرف. فرد شكسبير: كلانا يبحث عما ينقصه يا صاحبي. وقيل إن أحدهم قال للمتنبي: رأيتك من بعيد فظنتك امرأة، فرد المتنبي: وأنا ظننتك رجلا..!! أما مدرب التنمية البشرية الذي وجهت له سيدة انتقادا في لقاء مفتوح، فقد هز رأسه وهي تقول له: بعض الناس ماتوا بسبب ما تقولونه في دورات التنمية البشرية. ورد قائلا: «أممم.. ليسوا بتلك الكثرة..!!» ارتأى عدم مخالفتها الرأي وأنهى الموقف بكلمتين. بعض الناس هدفهم إثارة الجدل وليس البحث عن الحقيقة، هؤلاء واجههم بما يكرهون سماعه، كما فعل الرسول -صلى الله عليه وسلم- مع أبي الوليد عندما عرض عليه العلاج والنساء والمال والسيادة، فرد عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- بما يعلم أنه يكرهه ويغيظه سماعه وهو القرآن الكريم، فتحول النبي -صلى الله عليه وسلم- من مستقبل إلى مرسل، ونقل الكرة لملعب أبي الوليد الذي فر من الحوار هاربا وهو يقول حسبك حسبك. عندما تتعرض لموقف مثل هذا، خذ نفسا عميقا، وفكر خلال خمس ثوان، كيف تنقل الكرة من مرماك لملعبه في أدب رفيع، وتمتع بعدها بصحة نفسية جيدة، وثقة عالية بالنفس.