اتفق خبراء اقتصاديون وماليون على أن ما تعرض إليه سوق الأسهم السعودية من تراجع مع نهاية تداولات الأسبوع الماضي يشكل تأثرا سلبيا مبالغا فيه بالأسواق العالمية، مشددين على أن حجم التأثر يجب أن يكون متوافقا مع حجم الانكشاف على الأزمة، ونوعية العلاقة مع الأسواق المالية، متسائلين في الوقت ذاته عن غياب التأثر بالمتغيرات الداخلية الإيجابية، والتي تعد المؤثر الأكبر في السوق. وبعد أن أغلق مؤشر السوق مع نهاية تداولاته عند 6661 نقطة كأدنى إغلاق منذ أربعة أشهر، متراجعا 1.12%، رجح الخبراء خلال حديهم ل"الوطن" أن يشهد السوق ضغوطا في الفترة المقبلة، مرجعين السبب في ذلك إلى وصول السوق إلى مرحلة التشبع الشرائي، واصفين بنية السوق بالضعيفة، التي تستدعي إعادة الهيكلة. ويرى الرئيس التنفيذي لمركز المال والأعمال للتدريب علي الزهراني أن هذا النزول كسر حاجزا مهما جدا عندما هبط عن 6650 نقطة، مضيفا أن أخبار الجلسة الأوروبية منتصف الأسبوع الماضي كان لها الأثر العكسي بالهبوط، بعد الأخبار السلبية التي تم تداولها في أوروبا حول تخفيض الائتمان ل4 مصارف كبيرة في ألمانيا. وأضاف الزهراني أن السوق فنيا في مناطق شرائية، لافتا إلى أن نطاقات هذه المناطق متباعدة، مرجعا السبب إلى الضغوط المتجلية على السوق خلال الفترة الماضية، مضيفا أن حدة الهبوط تدل على أن هناك شيئا غير مبرر يحصل في السوق. ويتفق المحلل الاقتصادي فضل البوعينين مع ما ذهب إليه الزهراني، إذ قال إن السوق تأثرت خلال الأسبوع الماضي بالأخبار السلبية من أوروبا، وهو ما عمق من خسائرها، وأعادها لتسجيل أدنى إغلاق منذ 4 أشهر تقريبا، مبينا أن هذا الأمر سلبي ويكشف عن ضعف بنية السوق، وحاجته الماسة لإعادة الهيكلة والبناء بما يجعل منه مستودعا آمنا لاستثمارات ومدخرات المواطنين، لا محرقة لها، كما هي السمة الغالبة عليه. وأضاف أن السوق كان مهيئا لتصحيح قوي، إلا أن الأزمة الأوروبية زادت من أوجاع السوق، وحولت التصحيح المنتظر إلى ما يشبه "الانهيار السريع"، الذي لم تستطع السوق حتى اليوم العودة من مستنقعه، مشيرا إلى أن السوق تأثرت كثيرا بالأزمة الأوروبية، إلا أن تأثرها السلبي كان مبالغا فيه، مبينا أنه، ومع الإيمان التام بعلاقة الأسواق المالية وارتباطها ببعضها البعض، إلا أن حجم التأثر يجب أن يكون متوافقا مع حجم الانكشاف على الأزمة، ونوعية العلاقة مع الأسواق المالية، والانفتاح الاستثماري، لافتا إلى أن هذا الأمر لم يستوعبه المتداولون والمستثمرون، ولم يعمل على ترسيخه صناع السوق حين تركوا السوق لمواجهة مصيره المحتوم. ولفت البوعينين إلى أن الجميع أصبحوا يتسارعون للتخلص من مراكزهم المالية، في الوقت الذي يحجم فيه المستثمرون عن ضخ سيولة جديدة تساعد السوق على التوازن والنهوض، موضحا: "للأسف الشديد، فإن السوق السعودية ترتبط بعلاقة وثيقة مع الأسواق المالية العالمية في الجانب السلبي فقط، مضيفا أنه يتأثر بنسبة تفوق نسبة تأثر الأسواق المرتبطة أصلا بالأزمة". وفي حال إيجابية الأسواق العالمية، قال البوعينين إن السوق السعودية تغض الطرف، وتبقى على سلبيتها، كما حدث يوم الأربعاء الماضي، مضيفا: "السوق السعودية لا تتجاوب مع البيانات الإيجابية الداخلية، التي لو أعلن مثلها في الدول المتضررة لتقافزت أسواقها المالية لأسابيع متتالية وليس ليوم واحد". من جهته، وصف مدير الأبحاث والمشورة لدى شركة البلاد للاستثمار تركي فدعق الهبوط الذي تعرض له السوق بالهبوط المبالغ فيه، مضيفا: "كانت تحركات السوق هذا الأسبوع مبالغا فيها من حيث السلبية. فالسوق غير ناضج، ولهذا يتميز بحدة الحركة سواء في الارتفاع أو الانخفاض." وقال إن الانخفاض الحاد، الذي سجله المؤشر الأربعاء الماضي يرجع لعمليات بيع ناتجة عن تخوف المتعاملين من صدور أخبار سلبية من الأسواق العالمية خلال العطلة الأسبوعية لا سيما بشأن الدول المثقلة بالديون في منطقة اليورو. وبالعودة إلى الزهراني، فإنه يرى أن سوق الأسهم ستشهد خلال الأيام المقبلة ضغوطا، مرجعا السبب في ذلك إلى وصول السوق إلى مرحلة التشبع الشرائي، مضيفا أنه وفي حال كان المتداولون في حالة خوف فهذه الفترة الأنسب للشراء والعكس صحيح. أما البوعينين، فأشار إلى أنه من الناحية الأساسية للسوق السعودية، فهي تستحق أن تعود إلى مستويات ما قبل التصحيح الأخير، مبينا أن تبعيتها للأسواق العالمية سيجعلها عرضة لتقلبات تلك الأسواق، ولتطورات أزمة الديون السيادية التي لا أمل في الخروج منها قريبا. وزاد البوعينين، أنه من الواجب أن يتولى فريق اقتصادي دورا في حماية السوق من انعكاسات الأزمة الأوروبية، آملا أن يجتهد الفريق لربط السوق بالمتغيرات الداخلية، والتي من المفترض أن تكون المؤثر الأكبر في حركة السوق، إضافة إلى الدور المهم الذي يجب أن يضطلع به كبار المستثمرين في صناعة السوق وحمايتها، وتحقيق التوازن لها بما يشيع التفاؤل والثقة بين المتداولين، مبينا أن الثقة هي الجاذب الأكبر للسيولة، وهي الداعمة الحقيقية للسوق.