سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تلاعب المضاربين الكبار يتسبب في إحجام شريحة الأفراد عن الاستثمار في « الأسهم» اقتصادي : استخدموا مع صغار المتداولين إرهاباً نفسياً عرضهم لخسائر مادية فادحة
عزا اقتصادي تراجع قيم التداولات طوال الأشهر الماضية للتلاعب " النفسي " الذي قام به كبار المضاربين في السوق السعودية والتي يعتبر الأفراد المحرك الرئيس لها والمسيطر عليها بنسبة تتجاوز 90% من قيمتها السوقية،موضحا أن ما تعرضوا له من خسائر مالية فادحة على مدى فترات متباعدة وطويلة جعلهم يبتعدون عن متابعة الأسهم وملاحقة أخبارها حتى وإن كان ب " الأحاديث " الخاصة لما لحق بهم من أضرار نفسية ومادية. واعتبر تأثر السوق أمرا طبيعيا وفق ما يصدر عن تلك الشريحة العريضة كونها المسيطرة على التداولات بغض النظر عمن يحركها في السوق في الباطن ،وإن كان تحركا تلقائيا أو تحركا قسريا نتيجة المؤثرات الخارجية التي تؤثر سلبا وإيجابا في نفسية المتداولين فتجعلهم يتخذون قراراتهم الاستثمارية كردة فعل للمؤثرات الخارجية لا أكثر ولا أقل، وفي هذه الحالة تتكبد الشريحة العظمى من قطاع الأفراد خسائر فادحة نتيجة تصرفاتهم الخاطئة والتي لاتتوافق مع أبسط أساسيات السوق. وقال الاقتصادي فضل سعد البوعينين ان هروب الأفراد من متابعة السوق وإحجام شريحة كبيرة منهم عن العودة للاستثمار أو المضاربة يرجع لغياب " التوهج " في السوق بعد عدة نكسات تعرضوا لها ، مضيفا :" إذا ما آمنا بالتأثير النفسي على المتداولين الأفراد في تعاملهم مع سوق الأسهم، فمن الطبيعي أن يخبو حماس المتداولين الأفراد في حالة استقرار السوق، وهي المرحلة التي يبدو أنها شارفت على الثمانية أشهر تقريبا، ويبتعدوا عنها حتى تعود من جديد إلى توهجها الذي يثير في نفوسهم الحماسة، أو التقليد بصورة أدق". ووصف البوعينين سلوك المتداولين من الأفراد "بأحادي" النظرة حتى وإن عادوا للسوق مع غياب ثقافة التداول والخبرة الاقتصادية وسيتسببون لأنفسهم بالمزيد من الخسائر ، موضحا بقوله :" حماسة الأفراد وتعلقهم بالتداول قد تتحرك تجاه سهم محدد حتى وإن ابتعدوا عن السوق، فيعودوا لذلك السهم المنطلق إلى القمة بسرعة الصاروخ،ويزيد حجم التداول ، وتتوجه له السيولة من داخل السوق وخارجها، ويتسابق على شرائه المحايدون، دون تدقيق في قيمته العادلة؛ فتتحول أسهم المضاربة السريعة في لحظات إلى القمة متجاوزة أسهم العوائد الضخمة، ولا تفسير لذلك إلا تحرك الطمع في نفوس الصغار، وهم وقود السوق،والبحث عن الكسب والمضاربة الجائرة وإن كانت على سهم يتجاوز سعره سهمي سابك والاتصالات، في الوقت الذي تتكبد شركته الخسائر المتراكمة". وعن تأثير سيطرة الأفراد على تداولات سوق الأسهم.وصف أبو عينين هذه السيطرة بالأمر السلبي،كون الأفراد يبحثون دائما عن الربح السريع كما أن محركات التداول لديهم مختلفة تماما عن المؤسسات الاستثمارية وما في حكمها،وجزء من التصنيف الرسمي للمتداولين ربما لا يتطابق مع ما يحدث على أرض الواقع، فبعض المتداولين الأفراد يمكن تصنيفهم ضمن المؤسسات عطفا على حجم محافظهم الاستثمارية، ونوعية إدارتهم لها، وهي الأقرب إلى الإدارة الإستراتيجية الاحترافية منها إلى الإدارة الارتجالية، وإن غلب عليها قصر النفس مقارنة بإستراتيجيات المؤسسات الاستثمارية بعيدة، ومتوسطة الأجل. وقال ابو عينين ان كبار المضاربين يركزون على الجانب النفسي للمتداولين، ويستخدمون معهم الإرهاب المضاربي الحاد الذي يضغط على المتداولين الأفراد ويدفعهم نحو اتخاذ قرارات البيع والشراء الخاطئة بحسب ما يخطط له كبار المضاربين. فيجمع الكبار أسهم الصغار متى أرادوا بأبخس الأثمان، ويبيعونهم إياها متى أرادوا بأغلى الأثمان، ومع مرور الوقت يزداد كبار المضاربن تخمة وملاءة، ويزداد الصغار فقرا، إلا أن هذه المعادلة البسيطة تنقلب في النهاية على رؤوس الكبار حين نزوحهم إلى الأسواق العالمية فيخسر بعضهم كل ما جمعه من السوق المحلية بلمح البصر، كما حدث في الأزمة العالمية التي كشفت عن الانتقام الإلهي ممن تعمد الإضرار بالسوق السعودية، وصغار المستثمرين. وعن مدى جاذبية السوق المالية للأفراد خلال الفترة القادمة ومدى قدرتهم على العودة للاستثمار بشكل مباشر ، أو تصحيح الأوضاع بسيطرة المؤسسات الاستثمارية على السوق أوضح أبو عينين أن استمرار السوق منذ فبراير 2006 في الانخفاض الحاد، إلا من بعض الإرتدادات الهامشية مقارنة بالخسائر الفادحة، وتكبيدها المتداولين خسائر قاتلة، وعدم استطاعتها العودة إلى المستويات المقبولة أثر سلبا في جذب المتداولين من خارج السوق، وساعد في طرد الكم الأكبر من المتداولين المنتمين إليها، ولعلنا نستشهد بأحجام التداولات القياسية المتدنية، والتي باتت السوق السعودية تسجلها بين الحين والآخر، وهو ما يؤكد أنها باتت طاردة للمتداولين بعد أن كانت جاذبة لهم.مضيفا: ان غياب الأب الروحي للسوق السعودية، وعدم وجود صانع السوق المحترف الذي يساعد في ضبط حركة السوق وتحقيق الاستفادة القصوى من إيجابية الاقتصاد، وتخفيف الصدمات في أوقات الأزمات كالأزمة العالمية على سبيل المثال، إضافة إلى إحساس المتداولين الأفراد بأن السوق باتت محرقة لأموالهم واستثماراتهم دون وجود المرجعية المالية التي يمكن أن تدافع عن مكتسبات السوق ومقدرات المتداولين وتحميه من تداعيات الأزمات ساعد في ترسيخ حالة الفتور التداولي، وانسحاب المتاولين من السوق. وأكد فضل البوعينين أن انهيار فبراير وما تبعه من أزمات، إضافة إلى الأزمة الاقتصادية العالمية أثرت في ملاءة المواطنين، خاصة الأثرياء ممن كانوا يحركون سوق الأسهم، ويكسبونها زخما استثنائيا، ومن الطبيعي أن تمر السوق بفترة ركود أشبه بالوفاة المؤقتة نتيجة فقدانها محركاتها الرئيسة والمؤثرة. تبدل مراكز القوى المالية، وظهور الفرص الاستثمارية البديلة، وانتعاش سوق العقار، وعدم الرغبة لدى كثير من المتداولين في تحمل مخاطر إضافية تقحمهم في تجارب قاسية باتت من المؤثرات السلبية في تداولات السوق؛ إلا أنني أعتقد أنها لن تلبث أن تزول مع أول حركة إيجابية منتظمة نحو القمة تساعد في إشعال فتيل الرغبة في تحقيق الكسب السريع، وإن أدت إلى الاحتراق، كما يحدث دائما. التأثير النفسي المتفائل سيغير وجهة الممانعين نحو السوق من جديد، وسننتظر ذلك التغير المفاجىء الذي قد يحدث قريبا أو يطول، إلا أنه وإن حدث فلن يضمن الكسب، بل ربما مزيدا من الضحايا والمآسي طالما أن السوق تعمل وفق رغبات المتداولين لا كما يستوجب أن تكون عليه وفق إستراتيجية اقتصادية شاملة تضمن تعظيم الثروات من خلال الاستثمار الإنتاجي بدلا من حرقها على طاولة "الروليت" النظامية.