توقع مراقبون أن تنحصر تداعيات أزمة دبي الائتمانية على التأثير النفسي للمتداولين في سوق الأسهم السعودية، مضيفين أن عوامل عدة، منها متانة السوق السعودية وانخفاض سعر الدولار، إضافة لارتفاع سعر أونصة الذهب كلها تدعم مؤشر الأسهم السعودية. بداية، قال الكاتب الاقتصادي فضل بن سعد البوعينين: ليس هناك رابط مباشر بين أزمة دبي والسوق السعودية، قد يكون القطاع السعودي الوحيد الذي له علاقة بأزمة دبي هو القطاع المصرفي، ومبدئيا هو لا يرتبط بأية قروض مصرفية خارج السوق السعودية، كما أن استثمارات صكوكه في سوق دبي تكاد تكون هامشية ولا تؤثر بأي حال من الأحوال على هذه البنوك من حيث ربحيتها وأداؤها، لذلك لا يوجد أي رابط مؤثر بين ماحدث في السوق السعودية و ماحدث في سوق دبي. ثانيا، إن ماحدث في دبي استوعبته الأسواق المالية العالمية، وأعلن رسميا عن الجهات الدائنة لشركات دبي ومعظمها بنوك أجنبية، وبالتالي يفترض أن ينعكس تأثير أزمة دبي على الدول التي تحتوي على المصارف الدائنة، وليس الأسواق الأخرى، ولذا نجد أن سوق لندن والأسواق الأمريكية التي امتصت الصدمة الأولى لأزمة دبي مالبثت أن عادت إلى وتيرتها، وهو ما انسحب أيضا على الأسواق الخليجية، لذلك أعتقد أن صدمة أزمة شركات دبي الائتمانية قد استنفدت قوتها التأثيرية على الأسواق الناشئة ولا أعتقد أن يكون لها التأثير على السوق السعودية التي يتسم بالمعطيات القوية. ويظل العامل النفسي أكبر المؤثرين في سوق الأسهم السعودية خلال هذه الفترة، ولذلك ستكون وجهة السوق بأيدي المتداولين والمضاربين فهم من سيحدد ذلك، فإن كانت ردود الأفعال النفسية سلبية فستكون الانعكاسات سلبية على السوق السعودية والعكس صحيح, ولذا أنصح أن يعي المتداولون والمضاربون أن أزمة الائتمان في دبي هي خاصة بسوق دبي وليس لها علاقة بالسوق السعودية، ولذا يجب أن تطغى النظرة الإيجابية من قبل المتداولين والمضاربين إذا ما أرادوا استقرار السوق وتحقيق النمو. وفي مقابل ذلك، قال الخبير الاقتصادي الدكتور علي التواتي، إن ماجرى في دبي فقاعة عقارية انفجرت ولابد أن يكون لها موجات تأثيرية في كافة دول الخليج، إلا أن حجم التأثير يعتمد على مدى انكشاف البنوك المحلية على أزمة الائتمان في دبي، فالدولة الخليجية الوحيدة التي أعلنت انكشاف بنكين من بنوكها أمام أزمة ديون دبي هي دولة الكويت، أما باقي الدول الخليجية فما زالت تتكتم على الأزمة، ولذا ستبدأ سوق الأسهم السعودية بحذر، وسيستغل الوضع في محاولة خضخضة السوق لتجميع الأسهم بقيم أقل، ولكن المعطيات القائمة في السوق السعودية لا تسمح بنزول كبير، لاعتبارات منها قرب إعلان نتائج الربع الأخير للشركات، وانخفاض قيمة الدولار بشكل تاريخي، مما يعني أن القيمة السوقية للأسهم يعتبر بقيمة أقل نتيجة انخفاض القيمة الشرائية للدولار، إضافة إلى أن انفجار فقاعة العقار في دبي سينعكس إيجابيا على سوق الأسهم، فهناك علاقة تبادلية بين سوق العقار وسوق الأسهم، فصعود سوق الأسهم يسحب المال من سوق العقار والعكس صحيح، كما أن سوق المعادن النفيسة وفي مقدمتها سوق الذهب أصبح خطرا للغاية بعد أن تعدى سعر الأونصة 1220 دولارا، كل هذه العوامل تساعد إيجابا على سوق الأسهم السعودية. وقال التواتي: هناك عوامل ربط بين سوق دبي والسوق السعودية تجتمع في الاستثمار العقاري، والذي ستتأثر به الشركات التي تملك أسهما في الشركات العقارية في دبي، كذلك الحال للمستثمرين السعوديين الذين يملكون صكوكا عقارية في شركات دبي العالمية وشركة نخيل، وهو ما لن نعرفه إلا عبر إعلان مؤسسة النقد السعودية أو المؤسسات المالية السعودية. مضيفا: إن الأضرار الناجمة عن أزمة دبي تمثلت في فقدان الثقة في الاستثمار العقاري في الخليج، كما أن الاجتماع المرتقب بين ستة بنوك أوروبية وشركة دبي سيتمخض عنه نتائج بعيدة المدى لا أعتقد أنها ستكون في صالح دول الخليج العربي، وفي السوق السعودية أصبحت القناعة أن الاستثمار يجب أن يكون قدر المستطاع محليا، أما إذا كان خارجيا فيجب أن تكون له ضمانات من نوع جديد، كالضمانات الحكومية، ليس كما حدث في دبي حيث أعلنت شركة دبي العالمية أنها شركة تجارية لا تضمن ديونها حكومة دبي، وهي آلية كانت مطبقة في الغرب واستفدنا منها الدروس في السابق، وها نحن ندرك الآن أن الاستثمار في الدول العربية، بما في ذلك الدول الخليجية، تحفها المخاطر، ولابد من الضمانات في مثل هذه الظروف، ورب ضارة نافعة حيث ستوجه الأموال الوطنية في الخارج للاستثمار في الداخل لتوظيف مزيد من المواطنين. ومن جهته، قال أستاذ إدارة الأعمال والتسويق في جامعة الملك عبد العزيز في جدة الدكتور حبيب الله تركستاني: إن سوق الأسهم السعودية سيشهد تأثيرا نفسيا سلبيا إلى حد ما، بسبب أزمة دبي الائتمانية، فالاقتصاد الخليجي مترابط يحكمه وجود المستثمر السعودي، والاستثمارات المتشابكة، فإذا كان أحد البنوك البريطانية تأثر بما جرى في دبي فما بالك بالدول المجاورة، خاصة وأن هناك شركات مساهمة فيها الكثير من المستثمرين والمساهمين، كما هو الحال حين ترتفع أسعار النفط تتأثر اقتصاديات الدول غير النفطية، وكذلك الحال لسعر الذهب مثلا.