وصف مثقفون ومؤرخون مصريون تاريخ بلادهم في العصر العثماني بالغموض وعدم الوضوح حتى الآن بما يعيق إصدار حكم دقيق على ذلك العصر حتى الآن. وأوضح المثقفون المشاركون في ندوة بوزارة الثقافة المصرية مساء أول من أمس أن دور مصر في العصر العثماني غير واضح تماما؛ فهناك جوانب غامضة وغير معروفة وتاريخ مصر في هذه الفترة لا يعرف إلا من خلال التاريخ التركي، كما تعد الدولة العثمانية ظاهرة خاصة حيث كانت تجمع شعوبا مسيحية وإسلامية. وأكد الكاتب بشير السباعي أن إجادة التركية شرط أساسي للتواصل مع الأرشيف العثماني المركزي، وقال: إنه بغير الرجوع للدفاتر المكتوبة بالتركية لن نصل لأي معلومات عن هذا التاريخ فمن دون تواصل مع الأرشيف العثماني ستظل الرؤية وحيدة الجانب وسيظل التحيز للولاية تحيزا خطيرا لأنها ستؤثر على ولايات أخرى. وتابع السباعي: الدولة العثمانية ظاهرة خاصة حيث كانت تجمع شعوبا مسيحية وشعوبا إسلامية. وتحدثت المؤرخة الدكتورة نيللي حنا عن دور مصر في العصر العثماني وقالت: دور مصر في هذه المنظومة غير واضح تماما فبعد غزو مصر ظهر القصر العثماني وزاد الترف وهذا يثبت أنهم استفادوا من الناحية الاقتصادية، والتجارة كانت مهمة جدا ولكن غير مدروسة جيدا وأكبر شريك لمصر في التجارة كانت الدولة العثمانية، أما التأثير بالضبط فهناك جوانب غامضة وغير معروفة. وأضافت: رأى الجيل السابق أن مصر انعزلت عن محيطها في هذا العصر وأن تاريخها في هذه الفترة يعرف من خلال التاريخ التركي، واليوم نعيد النظر في هذا الطرح والإشكالية، فهل ندرس الدولة العثمانية كجزء من تاريخ مصر أم لا، مشيرا إلى أهمية العلاقات التجارية بين مصر وتركيا التي يندر أن نجد مؤرخا يعرف اللغة العربية واللغة التركية. وتساءلت حنا "كيف ندرس تاريخ مصر في إطارها العثماني دون تهميش لأشياء مهمة في تاريخنا؟ وقد حاولت مواجهة هذه المشكلة في كتاباتي، وهناك موضوع آخر خاص بالتحقيب حيث يعتبر العصر العثماني مزيجا بين العصر المملوكي والعصر الحديث، مؤكدة أنها تناولت هذه الإشكالية بأساليب مختلفة في كل كتبها. وأضافت "تناولت في كتاباتي ظهور شخصيات في الطبقة الوسطى شكلت الحياة الثقافية، واستنتجت أننا لا يمكن أن نقسم المجتمع إلى فئتين متعلمين وغير متعلمين ويجب أن نعيد النظر في مسألة التحقيب فهناك جوانب مختلفة يمكن اعتبارها مصدرا لهذه الفترة". وتابعت "كيف نكتب تاريخ الناس العادية بدون أن نقدم صورة نمطية في حين أن الواقع ليس سطحيا أو بسيطا، وفى كتاب تجار القاهرة في العصر العثماني اكتشفت تاريخ نسخ المخطوطات ووجدت مخطوطات في القرن ال18 الذي تمت فيه عملية نسخ مكثفة، وهناك نقطة مرتبطة بالمنهج الذي نعتمد عليه؛ فمثلا نقوم بدراسة عن العلماء من خلال مؤسسة الأزهر بصفتها أهم المؤسسات التعليمية أي أننا ندرس الآخر من خلال المؤسسات التي ينتمي إليها.