درجات الحرارة الصفرية تؤدي لتجمد المياه في الأماكن المفتوحة بتبوك    الفروة السعودية تتوهج في الأسياد الشتوية    دوران يسجل هدفين في فوز النصر على الفيحاء    وزير الصناعة يختتم زيارة رسمية إلى الهند    أمير القصيم يهنئ تجمع القصيم الصحي بفوزه بأربع جوائز في ملتقى نموذج الرعاية الصحية 2025    قتيلان إثر تحطم طائرة صغيرة بشارع في ساو باولو وارتطامها بحافلة    العروبة يستعيد نغمة الانتصارات ويتغلّب على الوحدة برباعية في دوري روشن    "إفلات من العقاب".. تحذير دولي من استهداف ترامب ل"الجنائية الدولية"    حائل: القبض على شخص لترويجه مادتي الحشيش والإمفيتامين    اتصالات «مصرية - عربية» لتوحيد المواقف بشأن مخطط التهجير    المسلم رئيس لنادي الطرف لاربع سنوات قادمة    تعاون برلماني بين السعودية وتايلند    خطيب الحرم المكي: كل من أعجب بقوته من الخلق واعتمد عليها خسر وهلك    المفوض الأممي لحقوق الإنسان: عنف أشد "سيحل" شرقي الكونغو    واشنطن ترفض مشاركة«حزب الله» في الحكومة الجديدة    مفتي عام المملكة ونائبه يتسلمان التقرير السنوي لنشاط العلاقات العامة والإعلام لعام 2024    خطبة المسجد النبوي: من رام في الدنيا حياةً خالية من الهموم والأكدار فقد رام محالًا    الأندية الإنجليزية تتفوق على السعودية في قائمة الانفاق في سوق الشتاء    "تعليم الرياض" يتصدرون جوائز معرض " إبداع 2025 " ب39 جائزة كبرى وخاصة    أسعار النفط بين التذبذب والتراجع.. لعبة التوترات التجارية والمعروض المتزايد    النمر العربي.. مفترس نادر يواجه خطر الانقراض    مجمع الملك سلمان لصناعة السيارات.. الحلم تحول إلى واقع    العُلا.. متحف الأرض المفتوح وسِجل الزمن الصخري    طقس بارد وصقيع في شمال المملكة ورياح نشطة على الوسطى والشرقية    ملامح الزمن في ريشة زيدان: رحلة فنية عبر الماضي والحاضر والمستقبل    «تبادل القمصان»    «الشورى» يوافق على 5 مذكرات تفاهم مع دول شقيقة وصديقة    ناقتك مرهّمة؟!    «حصوة وكرة غولف» في بطنك !    أمانة المدينة تدشّن نفق تقاطع سعد بن خيثمة مع "الدائري الأوسط"    لأول مرة.. مبيعات التجارة الإلكترونية عبر «مدى» تتجاوز 1.000.000.000 عملية    أدريان ميرونك يتصدر منافسات الأفراد في أول أيام بطولة "ليف جولف الرياض"    ما العلاقة بين لقاحات كورونا وصحة القلب ؟    أضرار الأشعة فوق البنفسجية من النافذة    إنترميلان يسقط بثلاثية أمام فيورنتينا بالدوري الإيطالي    أرض الحضارات    لصوص النت.. مجرمون بلا أقنعة    الأردن: إخلاء 68 شخصاً حاصرهم الغبار في «معان»    سبق تشخيصه ب«اضطراب ثنائي القطب».. مغني راب أمريكي يعلن إصابته ب«التوحد»    دور وزارة الثقافة في وطن اقرأ    يا بخت من زار وخفف    لماذا لا يجب اتباع سنة الأنبياء بالحروب..!    كيف كنا وكيف أصبحنا    أمانة القصيم تُقيم برنامجًا في الإسعافات الأولية مع هيئة الهلال الأحمر    خادم الحرمين وولي العهد يعزّيان رئيس الجزائر في وفاة رئيس الحكومة الأسبق    وكيل وزارة الداخلية يرأس اجتماع وكلاء إمارات المناطق    الملك وولي العهد يُعزيان ملك السويد في ضحايا حادثة إطلاق نار بمدرسة    الحميدي الرخيص في ذمة الله    ثبات محمد بن سلمان    «8» سنوات للأمير سعود في خدمة المدينة المنورة    لبلب شبهها ب «جعفر العمدة».. امرأة تقاضي زوجها    "سدايا" تجمع روّاد الابتكار بمؤتمر" ليب".. السعودية مركز عالمي للتقنية والذكاء الاصطناعي    إطلاق برنامج التعداد الشتوي للطيور المائية في محمية جزر فرسان    الرديني يحتفل بعقد قران نجله ساهر    آدم ينير منزل شريف    ملك الأردن : نرفض محاولة تهجير الفلسطينيين    ألما يعرض 30 عملا للفنانة وفاء الشهراني    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية والرئيس الألماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإصلاح الداخلي والإقليمي أيضاً مسارات نحو السلم
نشر في الوكاد يوم 12 - 05 - 2021

خمس ظواهر مهمة جارية في الشرق الأوسط لا ينبغي تجاهلها، رغم أنها لا تلقى بعد الاهتمام الكافي داخل النظام الدولي: أولها، أن موجة «الربيع» التي جرت خلال العقد الثاني من القرن الحالي قد شحبت وتراجعت، حتى ولو تركت الكثير من الركام والجروح والقتلى والجرحى. وثانيها، أن الدولة الوطنية قد انتصرت، فلم تتحقق التقسيمات العرقية والطائفية المتصورة، وما بات باقياً هو تحقيق التوازن بين الدولة وعناصرها المختلفة. وثالثها، أن ترجمة هذا الانتصار لا يكون إلا بمشروع وطني واسع النطاق، وعميق المدى، للإصلاح يتجاوز ما كان قائماً بمسافات كبيرة، ويتطلع إلى بناء دولة ليست وطنية فقط، وإنما متقدمة أيضاً. ورابعها، أن الولايات المتحدة في طريقها إلى الخروج من الإقليم الذي لم يبقَ لها فيه إلا التعامل مع القدرة النووية الإيرانية، وتنظيم عملية الانسحاب والكثير من الدبلوماسية والسياسة ومفاهيم كثيرة من الشراكة إلى حديث العلاقات الاستراتيجية، ولكن لا شيء بعدها. ولمن لا يعلم فإنه طبقاً لما قالته السيدة الجليلة والمستشارة الألمانية الحصيفة أنجيلا ميركل، فإن عُمر السياسة الأميركية بات لا يزيد على أربع سنوات (زمن الفترة الرئاسية) ونضيف ربما ثمانية. وخامسها، أنه نتيجة ذلك أنه لم يعد لأهل الإقليم إلا أنفسهم، فيرفعون من قدراتهم الذاتية، ويتطلعون في الوقت نفسه لإعادة تشكيل الإقليم مرة أخرى. وما وراء ذلك هو أنه إذا كان الإنسان لا يختار والديه، وعليه أن يتعامل معهم على هذا الأساس بحلوه ومرّه وقدره واختياراته، فإنه بين الدول فإنها لا تختار جيرانها، وعليها وفقاً لذلك التعامل مع الحقائق الجيو - سياسية والجيو - استراتيجية المترتبة عليها.
هذه الحقائق الخمس تتجسَّد في وجود اتجاه عام في المنطقة يتجه نحو التهدئة، وهو ما يظهر بشدة في التقارير الإيجابية الواردة عن المفاوضات الأميركية - الإيرانية تحت عباءة مباحثات فيينا النمساوية ومجموعة 5+1 الدولية. الاتجاه العام لهذه التفاعلات تقوم على العودة مرة أخرى إلى الاتفاق النووي الموقّع بين طهران وواشنطن عام 2015، مع مراعاة التغييرات التي جرت خلال السنوات الست الماضية. الآلية - كما تبدو من أنباء - تقوم على الرفع التدريجي للعقوبات الأميركية على إيران، ونتائجها إزاء الأطراف الثلاثة، مقابل عودة إيران مرة أخرى إلى حالتها التي كانت عليها فيما يتعلق بالمستوى النووي الذي كانت عليه قبل الانسحاب الأميركي من الاتفاقية. الموضوعات الأخرى المثارة المتعلقة بالتطورات الصاروخية الإيرانية، أو التدخلات الإيرانية في دول الإقليم (العراق وسوريا ولبنان واليمن) سوف يتم علاجها في إطارات أخرى. هذه الإطارات ظهرت بالفعل في الدور الذي بدأت العراق تلعبه كجسر فيما يتعلق بالعلاقات الإيرانية - السعودية بصورة عامة؛ وعُمان فيما يتعلق بالأزمة اليمنية بصورة خاصة. التصريحات التي أدلى بها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، تجاه إيران، والاستقبال الودود لها من قبل طهران، عكست استعداداً لعلاقات أفضل بين الطرفين.
ولم يكن هناك صدفة أنَّ هذه التطورات جرت في الوقت الذي كانت تحتفل فيه السعودية بمرور خمس سنوات من الإصلاح الواسع النطاق والعميق الاتجاه في تنفيذ «رؤية 2030» والذي شمل ليس فقط إصلاحات اقتصادية تقود إلى تنويع مصادر الدخل السعودية، وإنما أيضاً إلى تجديد الفكر الوطني والديني في المملكة. وفي العدد الأخير لدورية الشؤون الخارجية نشر «روشير شارما» – رئيس الاستراتيجيين الكونيين في مؤسسة «مورغان ستانلي» مقالاً بعنوان «صعود البقية أو The Resurgence of the Rest» مستخدماً تلك التفرقة الذائعة في الفكر الغربي بين «الغرب والبقية أو The West and the Rest»، حيث يوجد في الأول التقدم وفي البقية ما هو عكسه.
المقال يرى أن التقدم حدث أساساً في الغرب، والمقصود به الدول الواقعة في غرب أوروبا وشمال أميركا، ودول لصيقة مثل اليابان وأستراليا. بعد ذلك جرت محاولات للحاق بهذا الركب جاءت من الدول التي سميت «بريكس» التي ضمت البرازيل وروسيا والصين وجنوب أفريقيا. هذه المجموعة لم تلحق بالركب حتى لو حققت بعضاً من أشكال التقدم، ولكن لم يحدث فيها التغير الهيكلي الذي يتغير فيها الإنسان بالعلم والرؤية والطموح والمعرفة بدوره على هذا الكوكب. ومع ذلك، فإن هناك دولاً أخرى جاءت على الطريق، ومنها الدول المعروفة بالنمور الآسيوية، مثل كوريا الجنوبية وتايوان وسنغافورة، وكذلك دول شرق أوروبا التي انضمت إلى الاتحاد الأوروبي. القائمة القادمة تضم الصين والسعودية، ولا تتعجب فيتنام. ما جمع الدول المتقدمة ليس فقط قيمة الناتج المحلي الإجمالي، ولا الغنى كما هو الحال في دول بترولية كثيرة، وإنما في التغير «الهيكلي» لنوعية الإنسان وطموحاته في التنمية المستدامة والإبداع والابتكار، والطموح في اتجاه المستقبل أكثر من العيش في الماضي.
مظاهر التهدئة الأخرى التي جرت في المنطقة برزت في التطورات المتسارعة للعلاقات المصرية - التركية والتي تزامنت في كثير من مراحل تطوراتها خلال ما يقرب من عام مع الأزمة الليبية والتطورات في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط.
التحسن في العلاقات حدث مع سلسلة من التصريحات التركية الطيبة إزاء مصر؛ والموقف المصري أوضح أن القضية بين البلدين تحتاج إلى أفعال أكثر من الكلمات. وهو ما حدث بالفعل إلى حدود مقبولة من مصر فيما يخص الموقف التركي من جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية، ومن الأزمة الليبية في عمومها. النتيجة، أنه وقت كتابة هذا المقال كان وفد تركي دبلوماسي رفيع المستوى يزور القاهرة، مع أنباء عن قيام وفد دبلوماسي مصري مقابل بزيارة تركيا في القريب. هذا التقارب رغم أنه يعكس تحولاً نحو التهدئة بين الطرفين وفي عموم الإقليم، إلا أنه لا يخفي استمرار وجود قضايا خلافية كبيرة مثل بقاء عناصر مدانة قضائياً من الإخوان المسلمين المصريين في تركيا، واستمرار وجود المرتزقة الإرهابيين الذين نقلتهم تركيا في السابق إلى ليبيا رغم القرارات الدولية الداعية إلى عودتهم إلى بلادهم الأصلية. ولكن هذه الخلافات سوف تكون موضوعاً للتفاوض والتسوية أمام الآليات التي يحددها الطرفان للتعامل معها. ولكن ما لا يمكن تجاهله في هذه التفاعلات أنها تجري بينما توجد من ناحية عملية إصلاح طموحة جارية في إطار «رؤية مصر 2030»، وكانت لها انعكاساتها الإقليمية في شرق البحر المتوسط، ولا تريد تركيا التي تعاني من تكاليف التوسع العسكري الغياب عنها.
التهدئة لا تشمل الحالتين السعودية والمصرية فقط، وإنما هما أبرز الحالات التي لها دلالات كثيرة على الاستمرارية في الإصلاح، والاستعداد لتوسيع النطاق الإصلاحي ليس فقط إلى شرق البحر المتوسط، وإنما يضاف له شمال البحر الأحمر أيضاً. الإقليم يستحق من أهله التفكير الإصلاحي الطموح؛ وللأمر تفاصيل كثيرة.
نقلا عن الشرق الأوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.