ألقى د. جايسن لين، الأستاذ المساعد بكلية التعليم في الولاياتالمتحدةالأمريكية محاضرة في المؤتمر السنوي الرابع للتعليم بمركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية، والذي عُقد في سبتمبر2013م. كانت محاضرة د. جايسن تحت عنوان: «فروع الجامعات الأجنبية في الإمارات». قال فيها: إن دول مجلس التعاون أصبحت بقعة مهمّة لاجتذاب الجامعات الأجنبية، وأضاف: «إنه يوجد في دولة الإمارات 40 فرعًا لجامعات أجنبية وتُعد دبي أكبر المستوردين لفروع الجامعات الأجنبية». لكن ما أقلقني هو تأكيده أن أعداد هذه الفروع تتغيّر بشكلٍ يومي تقريبًا، حيث يتم فتح فروع جديدة لجامعات، ويتم إغلاق فروع قديمة لجامعات أخرى في الدولة، لذا آثرتُ أن استصحب هذه الرؤية عن بعض من تجربة فروع الجامعات الأجنبية من حولنا، كمقدّمة حول قضيّة افتتاح فروع لجامعات أجنبية بالمملكة، خصوصًا أن الكثير من كُتّابنا وبعض المهتمّين بالتعليم العالي بدأ يتحدّث عنها ويطرحها كطريقة للتوسع وتجويد المخرجات!. طرحت صحيفة الشرق الأوسط في عددها 12858 الصادر يوم الاثنين 10 ربيع الثاني 1435ه، عدة أسئلة حول الموضوع، وقد أجابت د. مها عقيل على سؤال: «هل تُعد الجامعات الأجنبية في دول الخليج نقلة نوعية مفيدة ومطلوبة؟ ب: «لا».. وتُبرِّر ذلك أنه برغم إيجابياتها فهي لا تفتح أمام الطالب آفاقًا معرفية جديدة تتوافر في الابتعاث. أما د. علي راشد النعيمي مدير جامعة الإمارات فأجاب على تساؤل آخر طرحته الصحيفة ونصه: «هل تؤمن بأن التحدِّي الأساسي الذي تُواجهه هذه الجامعات أكاديمي؟» ب:»نعم»، ثم عرض لقضايا مهمة مرتبطة بفروع الجامعات الأجنبية على العموم ومنها: 1- أن نوعية أعضاء هيئة التدريس العاملين في فروع الجامعات الأجنبية، تختلف عن العاملين في المقرات الأساسية من ناحية المكانة العلمية والخبرة البحثية والأداء التدريسي، وهذا أمر طبيعي لأن إدارة الجامعة تحرص على بقاء الأفضل في المقر الأساسي لها. 2- وجود البنية التحتية المتكاملة في المقرات الأساسية للجامعات الأجنبية من موارد بشرية ومعامل ومكتبات وثقافة بحثية وشراكة مجتمعية تؤدي إلى مخرجات تعليمية لا يمكن تحقيقها في الفروع لعدم توفر ذلك كله. إضافة لكل ما ذُكر، فإن واقع التعليم العالي في المملكة يتميّز بأمور ليست موجودة في الدول المحتضنة لفروع الجامعات الأجنبية ومنها: 1- وجود ما يزيد على ثلاثين جامعة حكومية (عامة)، وما يزيد على خمس جامعات خاصة، وكلا الرقمين مُرشَّح للزيادة فيما أحسب. 2- ابتعاث ما يزيد على 150 ألف طالب وطالبة إلى خارج المملكة، الكثير منهم في الدراسات العليا، وفي نظري أن هؤلاء هم البديل الموجود والمتاح لفتح فروع لجامعات أجنبية بالمملكة. لذلك وبرغم التحديات التي يُواجهها التعليم العالي بشقّيه العام والخاص وهي معروفة ومتوقعة، والرغبة الدائمة والملحّة والمخلصة في تطوير التعليم العالي وتجويده، فإننا (وكما أرى) لسنا بحاجة لزيادة الأعباء على التعليم العالي، وذلك بإضافة رافد آخر له، خصوصًا إذا كان هذا الرافد يكتنفه الكثير من الضبابية والغموض في مدى فاعليته في تحقيق أهداف التعليم العالي الحقيقية. وبدلًا من ذلك يجب علينا أن نُركِّز جهودنا على أبنائنا وبناتنا طلبة الجامعات السعودية والمبتعثين خارجيًا، وأن نوليهم ما يستحقون من العناية والاهتمام انتهاءً بتقديمهم إلى سوق العمل، ليكونوا لبنات فعالة وبناءة في وطننا الغالي بدلًا من الانشغال والجري وراء ذلك الحلم الوردي الغامض «فروع الجامعات الدولية».. وبالله التوفيق. نقلا عن المدينية