قوام السياحة وذروة سنامها هو الترفيه.. والترفيه هو الفنون بكل أشكالها.. سياحة بلا ترفيه تعني مجرد الانتقال الجغرافي من بلدة إلى أخرى، أو من وطن إلى آخر.. وإلا لماذا يحمل السعودي "عفشه" برفقة عائلته أو أصدقائه كل إجازة ليطير خارج المملكة؟! غياب الترفيه عن مدننا السياحية يعود إلى ضمور ثقافة الفرح.. هذا الضمور الذي تسبب في انسحاب الفنون من مشهدنا الاجتماعي، فلا عروض تمثيلية أو مسرحية، أو غنائية، أو حتى فلكلورية شعبية.. ماذا يعني مصطلح "مهرجان" إذاً؟ الجو المعتدل والطبيعة الخضراء لا يكفيان لصناعة السياحة.. انظروا إلى العوائل السعودية التي تتجه إلى دول الجوار في جحيم يوليو أو أغسطس.. كل المغادرين يريدون القول بأن أجواء أبها أو الباحة مثلا ليست طبيعية! بمعنى أن هناك خللا واضحا في مهرجانات السياحة الداخلية.. ربما لا تتحمل هيئة السياحة مسؤولية هذا الخلل، فهو أكبر منها، وأكبر حتى من إمارات المناطق.. إنه خلل ثقافي بحجم المجتمع، يتمثل في انعدام ثقافة الفرح والترفيه، يتمثل في الأسلاك الشائكة الموضوعة حول كل الفنون والاستعراضات.. يتمثل في هذا الحذر وهذه الوسوسة من مصطلحات "فن".. "غناء".. "استعراض".. ذات من يعتريهم الخوف والوسوسة من الفنون في مجتمعنا هم من يذهبون إلى الخارج لمشاهدة فيلم في دار السينما، أو حضور حفلة غنائية، أو مهرجان فلكلوري، أو استعراضات شعبية... وبرفقة عوائلهم الكريمة! هم يشعرون أن عروض المهرجانات السياحية في مدننا الخضراء لا تتواءم مع طبيعة هذه المدن وأجوائها الرائعة.. هم يشعرون - وكل هذا الشعور دون وعي منهم - أن هناك تنافرا بين الرياحين والعرعر والخوخ والمشمش، والجبل والنسيم البارد؛ وبين عروض المهرجانات السياحية التي أقصت كل الفنون في هذه المدن! ولكنهم - للأسف - لا يريدون الاعتراف بتناقض ثقافتهم الاجتماعية. نقلا عن الوطن السعودية