نسمع كثيراً عن أشخاص مشهورين أو معروفين، فمثلا نسمع ب (هذا شخص مشهور)أو(علم في رأسه نار)(كان بحراً لا ينضب)...الخ، وهذا ليس مقتصراً على قطر واحد، بل جميع أقطار الأرض، فأولئك الأشخاص الذين سمعنا بهم و ذاع صيتهم وانتشر خبرهم، كانتشار النار في الهشيم، دون أن نشاهدهم أو حتى نعرفهم، طبعاً سبب هذا يعود لتفاوت الأزمنة أو بعدٌ في المكان،فيتولّد لدينا ما يُسمى بالفضول وحب الاستطلاع لنعرف سر شهرتهم وما شأنهم وما الذي فعلوه في حياتهم حتى ذاع صيتهم وخاصة أن منهم من سبقونا بمئات وآلاف السنين، أو نبعد عنهم آلاف الأميال ...ولكن بمجرد أن نبدأ في عملية البحث والاستقصاء عن أحد أولئك المشهورين، فسنجد في الغالب بأن نتيجة البحث لا تخلوا من أنه كان متميزاً وبارعاً في علم ما، أو بأحد الفنون أو المعارف. أو في غير ذلك من المجالات المتنوعة والمتعددة، والتي برعوا وتميزوا بها أولئك النفر وغيرهم، ولكن ما يهمني من هذا الطرح وأود الإشارة إليه، أن السر في شهرتهم واستمرارها على مدى تلك العصور الطويلة؛ لم يكن هدفهم أو دافعهم هو الشهرة لأجل الشهرة فقط، اوإنما كان الدافع الأكبر لديهم هو الإبداع والتميز، بعكس ما نراه حاصلاً وحاضرا وممارساً لدى البعض في هذه الأيام، فنجد أنهم يحلمون ليل نهار ويتمنون أن يكون صيتهم ذائع لينالوا بذلك على ضالتهم وهدفهم الرئيسي ألا وهو (الشهرة) فقط وبأسرع الطرق، حتى وإن كلفهم ثمن ذلك التجرد والإنخلاس من صبغة الدين الإسلامي وتعاليمه، ومن سلّم الأخلاق ومبادئه، ومن عباءة الآداب وفضائله، فنراهم تارة وهم يتجرؤون على المولى جل في علاه، أو ينتقصون من رسول الله صلى الله عليه وسلم أو من سنته، أو يغالون في عباد الله حتى يكادوا أن ينزلوهم منزلة الأنبياء والرسل، (إن لم تستحي فأصنع ما شئت)، فكان لزاماً علينا أن لا نعطهم أكبر من حجمهم، وأن نتجاهلهم، حتى يصبحوا كمن لا وجود ولا أثر له، حينها سنراهم وقد نكصوا على أعقابهم، وأندثر من يدق الطبل لهم، ولكن هؤلاء القلة وإن ذاع صيتهم وانتشر ولو لوهلة فلن يستمروا أو يدوموا طويلاً، وحتما بعدها سيقذفون بمزبلة التاريخ.