كلما حلت كارثة بالوطن، أو أحاطت به كوارث ومصائب مدلهمة، حايد الوطنيون خلافاتهم الثانوية جانباً، ورصوا صفوفهم، كدرع بشري لحماية الوطن لضمان أمنه وأمانه. وكلما رص الوطنيون صفوفهم، خرج عليهم الداعية محمد العريفي بخطبة ديناميتية مفتتة للحمة الوطنية، وكأنه يريد منها تفجير الدرع البشري الوطني الراص لصفوفه، والداعم لقيادته الحكيمة، وإحداث ثقب فيه، ليتسلل من شاء من أعداء الوطن من خلاله، ولكن يأبى درع ذوي الرأي والروية، من أقصى يمينه لأقصى يساره، إلا أن يتموا صفوفهم، ويقذفوا بالمفرقعات غير الوطنية خلف ظهورهم، فهم في مثل هذه الحالة، لا يرون إلا الأخطار الحقيقية التي تهدد حقا أمن الوطن، وتخلخل لحمته الوطنية. والدرع البشري الوطني الحصين من ذوي الرأي والروية، الذي ذكرته هو واقع قائم ومشاهد وملموس ومشرف للوطن ولكل الوطنيين، وقد أشاد به خادم الحرمين الشريفين وشكره، والمكون من علماء المملكة وخطبائها، وكتابها ومثقفيها، ولو كره الذين أدمنوا الاقتيات، على مهنة شق الصف الوطني، حمى الله وطننا وأهلنا من كيد الكائدين وطيش الطائشين. لم يتجرأ أحد في تاريخنا الوطني على سب مؤسساته الصحفية والعاملين فيها من الكتاب، وإلصاق تهمة الفساد والمجون والعمالة للعدو الأجنبي، إلا الداعية العريفي، وهل تدرون ما هي دواعي الداعية؟ والذي لن أصمه ب"الدويعية" احتراما لصفحات صحيفتي، وقارئاتها وقرائها الأعزاء بأفعاله المشينة اللا وطنية، فدواعي الداعية هي ذاكرته المأزومة، التي لا يرى من خلالها أبعد من أخمص قدميه المتخبطتين. فمنذ أمر المؤسس المغفور له الملك عبدالعزيز، بإنشاء أول جريدة رسمية "أم القرى" لتكون المعبر عن رأي الحكومة، بشكل خاص والوطن بشكل عام، والشارح له والمدافع عنه، غدت الصحافة جزءاً لا يتجزأ من صوت الوطن، المدافع والمنافح عنه. وهكذا توالت الصحف المحلية، بعد أم القرى، في التأسيس الواحدة تلو الأخرى، لتكون عونا لها في التعبير عن الصوت الوطني والذائد عن حياضه، حيث لعبت الصحافة المحلية كمنابر وطنية دورا لا يستهان به في الدفاع عن رأي الوطن، في كل الأزمات التي تعرض لها بكل شراسة من منابر الإعلام الخارجي الخصم، منذ الثلاثينيات الميلادية، وحتى وقتنا الحالي. وكذلك في كشفها زيف وزيغ الحركات الدعوية المسلحة المحلية، مثل حركة جهيمان، وذلك عندما كان الداعية العريفي، غرا لا يستطيع الدفع حتى بدراجة هوائية "مغرزة" بالرمال، مثلما ادعى أنه فعل بسيارات الأشقاء الكويتيين أثناء الغزو العراقي للكويت، وقد أثبتت وثائق الويكي ليكس أن وجود العريفي يدفع السيارات آنذاك، قد أرعب صدام، وكان سببا رئيسيا، ليس فقط في هزيمته وطرده من الكويت وإنما أيضاً، سببا مؤكدا في العثور عليه في جحره وشنقه. وبما أن العريفي كان لا يشاهد إلا أخمص قدميه أثناء دفعه البطولي المستميت للسيارات، فالحياة الوطنية بدأت عنده من تلك اللحظة المجيدة؛ وما عداها لم يكن ليعنيه بشيء لا من قريب ولا من بعيد. الداعية العريفي، الذي يدعي أنه تصدى للفكر الضال، طوال السنوات العشر الماضية، لم يرد اسمه في قائمة اغتيالات الإرهابيين، مع الكتاب ورجال الأمن والرموز الوطنية المخلصة التي استماتت في الدفاع والذود عن الوطن، الذين كشفوا سترهم وزيغهم أمام مواطني المملكة، وعروا منابع تمويلهم المادي والعقدي الشاذ. ولعل ذلك لإدمانه شق الصف الوطني، وهذا يصب في خانة مخططاتهم. المنابر الصحفية هي حصون وتخوم وطنية وكتابها هم دوماً على الجبهات الحدودية والداخلية، سواء اشتعلت الجبهات أم لم تشتعل. فأول من يصل إلى الجبهات الحدودية، التي تقع فيها مواجهات عسكرية، هم مراسلو الصحف ومصوروها، لنقل ما يحدث على الجبهات للداخل. ومن المعلوم أن عددا لا بأس به من مراسلي الصحف والوسائل الإعلامية، يستشهدون وهم يؤدون واجبهم الوطني، والمهني، أما العريفي فبزيارة خاطفة ومؤمنة للجبهة الجنوبية، أثناء تصدي قواتنا الباسلة، للاعتداء الحوثي على حدودنا الوطنية، ظن أنه "جاب رأس غليص." بل أتت زيارته التي كان يؤمل بها القادة العسكريون والسياسيون خيرا بعكس ما توقعوه منه، حيث عاد بصور وأخذ يستعرض بها أمام جمهوره المتيم به، الأمر الذي لم يفعله القادة العسكريون الأفذاذ الذين أداروا المعركة بكل كفاءة واقتدار، وجاهدوا وكابدوا، ولم ينشروا صورا لهم، ولم يبالوا بنشر صورهم، حيث كانوا يجاهدون في سبيل دينهم ومليكهم ووطنهم، ولا يرجون بذلك عرض الحياة الدنيا وزخرفها. ليت المسألة انتهت عند هذا الحد، لقلنا "غرور وكبرياء" نستعيذ منه، ونتحمله، من أجل المعركة الوطنية، ولكن سرعان ما طعن العريفي بالعقيدة العسكرية للجيش العربي السعودي، بعد رجوعه من الجبهة، وشن حربا طائفية خاصة به، هو وجوقته الطائفية الموتورة، وحاول تجيير معركة جيشنا الوطني الباسل لصالح معاركه الطائفية، وهذا الذي لم يكن مقبولا، حيث اضطر الجيش السعودي العربي الوطني الباسل، أن يعلن أن حربه على الجبهة الجنوبية ليست بطائفية وليست موجهة ضد طائفة أو فئة معينة، وإنما لحماية حدود الوطن، مهما كان المعتدي عليها كائنا من كان. والأدهى أنه ورغم زيارته للجبهة وتداخله مع الجنود، كما يدعي، لم يعِ أن بعضا من جنود جيشنا السعودي هم من إخوتنا الوطنيين المخلصين لدينهم ومليكهم ووطنهم من الطائفة الشيعية الكريمة، والذين دافعوا بنفس العقيدة العسكرية والحس الوطني والشعور الديني الذي يقاتل به باقي رفاقهم في السلاح وإخوانهم في الدين والعروبة والوطن. وهكذا فقد كاد العريفي وجوقته الطائفية يشقون الصف الوطني نيابة عن الحوثيين، الذين عجزوا عن ذلك. وقد يسأل سائل: وأنت ماذا فعلت؟ وهذا سؤال وجيه، فأنا عملي الرسمي هو تعليم طلبة عسكريين، للتاريخ العسكري، وطلابي أو كما أسميهم بفخر أبنائي، الآن هم ضباط يعتمد الوطن اليوم عليهم بعد الله في الدفاع والذود عن حياضه، كما أنني كتبت مقالا أثناء الحرب على الجبهة الجنوبية ضد الحوثيين، تحت عنوان "طبيعة ما وراء النزاعات المسلحة في الدول الجبلية"، حيث تناولت فيه طبيعة الحرب هناك، وما وراءها من تشابكات وتشعبات، وطالبت قواتنا المسلحة بالدفاع عن حدودنا الوطنية، وطرد المعتدين منها، حسب ما تخولنا الشرائع والقوانين الدولية؛ والحذر من الانجراف لمستنقع النزاعات المسلحة داخل حدود اليمن، التي هي جزء من العراك السياسي، والتحالفات الفاسدة القبلية والرسمية، المتاجرة بالسلاح وأرواح الناس، التي لا تنتهي ولن تنتهي هناك. وهذا ما طبقته قواتنا العسكرية بكل احترافية واقتدار، بعد أن شعرت بأن هنالك من يسعى لجرها لمستنقع النزاعات العسكرية الآسن في اليمن الشقيق.. عجل الله فرجه. إذاً فالعريفي آخر من يعطي دروسا ومواعظ في الوطنية، ويكفي تنقله من قناة أجنبية لأخرى، على حسب من يدفع له أكثر. قلا عن الوطن السعودية