تنتهج الشركات اليابانية سياسة ذكية في ضمان إخلاص وولاء موظفيها وذلك بتمليكهم جزءاً من أسهمها فيصبحون شركاء لملاك هذه الشركات وليسوا أجيرين فيها. لذا فالعامل الياباني حريص على مصلحة الشركة التي يعمل فيها، أمين في عمله، متفان في عطائه، متقن لأدائه. قد يقضي العامل الياباني عمره كله دون أن يتمتع بيوم إجازة واحد! يتنازل عن حقه هذا بطيبة خاطر ومن منطلق الإحساس بالمسئولية والشعور بالواجب. كذلك هو الحال في بعض الشركات والمؤسسات الصغيرة التي يحتوي فيها رب العمل موظفيه ويتعامل معهم كأبنائه، فيتفاعل مع مشاكلهم وشئونهم الشخصية، يشاركهم أفراحهم وأحزانهم، يقف معهم ويساندهم في أزماتهم، يتعامل معهم كشركاء له وليس كعاملين لديه. فيحصل على موظفين يبادلونه نفس المشاعر ويعتبرون شركته أو مؤسسته ملكهم، ويحرصون على مصالحها ويجتهدون لإنجاحها. لايمكن أن يتوقع رب العمل ولاءً ومحبة من عامليه، أو إخلاصاً وتفانياً في أداء واجباتهم إذا كان يعتبرهم أدوات ووسائل لدر الربح لشركته، أو إذا كان يعاملهم كآلات لإنجاز العمل وتحقيق النجاح لمؤسسته. إن الموظف الذي يعامل كرقم وظيفي أو آلة للإنتاج لايمكن أن يقارن مستوى أدائه ومدى إخلاصه بالموظف الذي يتم احتواؤه ومشاركته في ملكية شركته. أيضاً المواطن الذي يفدي الوطن بروحه في وقت الحرب والشدة، وولاؤه فوق الشبهات، إذا لم يجذر انتماءه بتيسير سبل العيش الكريم له بالبيئة المهيأة للحياة الرغدة، ليس مستغرباً أن يغدو مواطناً غاضباً ناقماً أو تعيساً كئيباً ينقصه الطموح والحماس لتطوير ذاته وأسرته ومجتمعه ووطنه. إن أهم عوامل الاستقرار للبشر هي تملك البيت الذي يُظِل الإنسان وعائلته. وتملك البيت هو الناتج الطبيعي للاستقرار الاقتصادي لأي بلد ومؤشر لمدى الرخاء الذي يتمتع به مواطنوه، وهو النتيجة الحتمية للتخطيط السليم لأوجه الحياة المتعددة من تعليم وعمل ورعاية صحية. إذا كان أغلب المواطنين يرزحون تحت وطأة الديون وإيجارات السكن وغلاء المعيشة، فهل نتوقع منهم إخلاصاً وولاء لا تشوبه شائبة؟! آن الأوان لأن تقوم الدولة ممثلة بأجهزتها المختلفة بالعمل الجاد لتحقيق السكن اللائق لكل مواطن عبر خطط مدروسة وتحفيز القطاع الخاص بضخ التمويل اللازم لها لإنجاز المشاريع السكنية بأسعار تناسب القدرات والإمكانات الاقتصادية المختلفة لتحقيق الرفاهية للمواطن ليتمكن من أن يكون مواطناً مخلصاً متفانياً شريكاً في تنمية وطنه بتملكه جزءاً منه. نقلا عن الرياض