بقلم الكسندر باكوستين، وكالة نوفوستي : تبنى البرلمان التركي قبل أيام مشروع قرار يلغي حظر ارتداء الحجاب الإسلامي في الجامعات التركية بعد أن دام الحظر لسنوات طويلة. وقد أدى هذا التغيير الثوري إلى وقوع جدالات صاخبة بين مختلف طبقات المجتمع التركي وبالنهاية إلى انشقاق خطير. اليوم نحن نشهد على أن الإسلام يحظى بتأثير متزايد على المجتمع التركي، فمثلا: - يتولى حزب العدالة والتنمية الذي يترأسه رجب أردوغان السلطة في تركيا - انتخب عبد الله غل مؤسس الحزب في أغسطس 2007 رئيسا للبلاد - زاد نشاط عدد من \"الطرق\" الدينية - تحظي القيم الإسلامية بمكان كبير في الحياة اليومية لأكثرية المواطنين الأتراك ماذا يخفي مشروع القرار الجديد وماذا تخشى المعارضة المتمثلة في الحزب الشعبي الجمهوري؟ تم إعداد مشروع قرار من قبل حزبين برلمانيين - حزب العدالة والتنمية الحاكم وحزب الحركة القومية اليميني المتطرف. وينص المشروع على إدخال تعديلات على مادتين من الدستور التركي ال10 وال42. وتضمن هاتان المادتان المساواة بين المواطنين أمام القانون والحق في التعليم العالي وكذلك إدخال تعديلات على القانون حول التعليم العالي بمراعاة حق الطالبات في ارتداء الحجاب. وقد يساعد هذا التعديل على نشر الرموز الدينية مثل الحجاب ليس في مؤسسات التعليم العالي في تركيا وحسب بل وفي التعليم الابتدائي والمتوسط. وبهذا ستنتصر الأوساط الدينية التي كانت خلال فترة حكم الرئيس التركي الأول كمال أتاتورك معزولة عن شؤون الدولة. ويعلن زعيما الحزبين المذكورين عن أن مشروع هذا القرار سيبقى في إطار التعليم الجامعي ولن يشمل مؤسسات أخرى في المجتمع التركي. غير أن الأوساط الأكاديمية في تركيا لا توافقهم الرأي. ففي نهاية شهر يناير الماضي عقدت جلسة لجنة مجلس رؤساء الجامعات في تركيا. وقد وصف رئيس المجلس رئيس جامعة البحر المتوسط في مدينة أنطاليا البروفسور مصطفي اكايدين المحاولات الحالية للحكومة في رفع الحظر عن ارتداء الحجاب في الجامعات ب\" فترة انقلاب في التاريخ التركي وأكبر هجوم منذ 10 نوفمبر 1938 (تاريخ وفاة كمال اتاتورك) تشنه قوى محددة ضد مبادئ مؤسس الجمهورية التركية\". وذكر أيضا أن رفع الحظر عن ارتداء الحجاب في الجامعات - هو ما سيؤدي في النهاية إلى نسف الأسس العلمانية للجمهورية وتحويل تركيا إلى دولة الشريعة\". وأما ما تشهده تركيا حاليا فيؤدي إلى تعميق التوجهات الإسلامية في المجتمع التي لوحظت في الفترة 1996-1998 التي تولى فيها نجم الدين اربكان رئاسة الحكومة. حينها أتيح للنساء في مؤسسات الدولة ارتداء الحجاب أما السياسيون البارزون فأظهروا في المجتمع علاقاتهم مع مختلف الأنواع \"الطرق\" الراديكالية الإسلامية وكانت السياسة الخارجية موجهة بدرجة كبيرة إلى تطوير العلاقات مع الدول الإسلامية وبخاصة مع السودان وليبيا. لا شك أن رئيس الوزراء الحالي اردوغان يدرك ما سيتعرض له بعد تبني القرار الجديد حول إلغاء الحظر على ارتداء الحجاب. ويذكر أن المحكمة الدستورية حظرت في عام 1998 نشاط حزب الرفاه ومن ثم في عام 2001 حزب الفضيلة. كما أن اردوغان قضى في السجن 4 أشهر بتهمة الترويج لنمط الحياة الإسلامية. غير أن الوضع الحالي في البلاد يختلف عما كان في عام 1998. فقد حقق الإسلاميون المعتدلون نجاحا كبيرا في السياسة والاقتصاد على حد سواء: تم التوصل إلى اتفاق حول التعاون الثلاثي بين الولاياتالمتحدة والعراق وتركيا حول المشكلة الكردية، ويلاحظ نمو مستقر للناتج المحلي الإجمالي وارتفاع مستوى المعيشة. وقال رجب اردوغان للصحفيين بعد المصادقة على مشروع القرار من قبل البرلمان: \"السياسيون الأتراك قاموا بعمل كبير- فهم استطاعوا هدم التحيز العلماني الصارم\". ويعتبر الحزب الحاكم أن تبني مثل هذا القرار سيساعد تركيا في طريقها إلى الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي بصفتها دولة ديمقراطية تراعي حقوق الإنسان وبخاصة حقوق النساء اللاتي يرتدين الحجاب الإسلامي في التعليم العالي دون تمييز في الجامعات. وفي الوقت نفسه خرج إلى شوارع أنقرة في عطلة نهاية الأسبوع الماضي نحو 200 ألف شخص ليرددوا: \"لا للحجاب!\". ويذكر أن مشروع القرار الجديد قد طرح على الرئيس التركي في بداية الأسبوع الجاري، وسيكون في تصرفه 15 يوما لتبني القرار. وهناك قوة أخرى تلعب دورا هاما في حل المسائل الحادة، فالكلمة الأخيرة تبقى للجيش الذي يعتبر ضمانا للحفاظ على الأسس العلمانية للجمهورية التركية. ولا تزال هيئة الأركان العامة التركية تلتزم الصمت، ولكن لا يجب أن يفوتنا أنه بفضل تدخل الجيش أرغمت حكومة أربكان قبل 10 سنوات على الابتعاد عن السلطة. وقد منع اربكان من مزاولة النشاط السياسي لمدة 10 سنوات. وسيتضح قريبا فيما إذا كان هذا الأمر سيحدث مع حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية ورئيس الحكومة اردوغان.