لم يكن يعلم عبدالله محمد (18 عاماً) سبب تسمية الشارع الذي اعتاد ارتياد محلاته التجارية ومطاعمه كل يوم أن اسمه الذي يعرف به «يحيا القص» لا يعود إلى شخص اسمه «القص»، حتى يهتف الناس بحياته، ولطالما تساءل، من هو ليسمى الشارع باسمه؟ لكن جده السبعيني محمد علي أوضح له في إحدى الجلسات الحميمة قصة تسمية الشارع، وأصبح يفاخر أصدقاءه بكنز المعلومات الذي حصل عليها. ويسرد عبدالله ما حكاه له جده عن الشارع: «لم أكن أعلم شيئاً، فيوم حدث ما حدث لم أكن موجوداً على هذه الأرض». يقع شارع «يحيا القص» بحي «الربوة» على امتداد شارع الملك خالد بمدينة صفوى، ويعد شارع الحياة في مدينة صفوى اليوم، فهو عصب التجارة، ومسكن للبعض، ويعدّ ثاني أهم شارع في صفوى بعد شارع «علي بن أبي طالب» الرئيس. وكان الشارع لا يعدو كونه منطقة سكنية تتضمن عدداً من المنازل في صفوى «الديرة»، واتفقت الجهات المختصة مع بعض سكان المنازل، على قص الشارع بهدف توسعته، وأغرتهم بالمبالغ المالية الكبيرة بين عامي 1974 – 1975م، ما دفع الأهالي إلى الفرح الشديد، يغبطهم عليه من لم يطاله «القص». وتجمهر الأهالي في الشارع بهتافاتهم المرددة بصوت واحد: «يحيا القص» أي يعيش هذا القرار. شكاوى وندم ويقول أبوأحمد (ثمانون عاماً) إن ثلاثين منزلاً تعرضت للقص، وهناك ما يقارب الخمسة منازل تعرضت للقص وذهب نصفها أو ربعها هدماً، مضيفاً تشوه البناء بأكمله وأن غرف المنزل هدمت، واستاء الأهالي آنذاك من مسألة الهدم الذي لم يكتمل لأن المبالغ التي أعطيت لهم لا تغطي الدمار الذي حصل لبيوتهم، وكان من المفترض أن يعطوا مبالغ كاملة لأن المنزل قد هدم بأكمله وأصبح غير قابل للسكن. ورفع الأهالي عدداً من الشكاوى. وسألت «الشرق» عدداً من كبار السن في المنطقة، الذين قالوا إن هناك أناساً حصلوا على مبالغ كبيرة جراء هدم بيوتهم، وبلغت نحو ثلاثمائة ألف ريال، وآخرون حصلوا على مبالغ متوسطة ما يقدر ب170 ألف ريال، وبعضهم على مبالغ صغيرة 30-40 ألف ريال. وندم بعض الأهالي لأنهم وافقوا على هدم بيوتهم، لكن ندمهم تلاشى عندما شهد الشارع النشاط التجاري الذي بدأ بعد سنة ونصف من التنظيف والتشطيب والعمارة ومنح التراخيص. ولم تتجاوز المحلات التي فتحت آنذاك سوبرماركت، بقالة. المساحة ضيقة وبدأ النشاط الحقيقي للشارع بعد سبع سنوات من القص، وتنوعت المحلات وبلغت عشرين محلاً، ويتضمن الشارع اليوم في عام 1433 ه ما يزيد على ستين محلاً تجارياً متنوعاً. ويشير أبومحمد (77 عاماً) إلى أن الشارع لم يعط حقه في المساحة، فالمساحة التي يقدر عرضها اليوم ب18 متراً، ضيقة جداً وكان من المفترض أن تكون ثلاثين متراً على أقل تقدير. واشتكى عدد من الأهالي من ضيق الشارع، فهم لا يجدون مواقف لسياراتهم، إضافة إلى انزعاجهم من السكن فيه كونه شارعاً تجارياً. ويقول سعيد أحمد «في أحيان كثيرة نضطر لترك بعض الأغراض في السيارة، وننزلها في الصباح، بحيث يكون الشارع خالياً من السيارات، إضافة إلى أننا نعاني من الإزعاج ليلاً ونهاراً، فيما يفضل آخرون عدم المرور على الشارع في المناسبات والإجازات». ويلاحظ على بعض لوحات تسمية الشارع والحي أنها مطموسة بالصبغ الأسود. إحدى المناسبات بشارع القص (الشرق)