شهد الأسبوع الأخير تصاعداً في حدة المخاوف من قبل ناشطين بيئيين ومهتمين، من تعرض آخر ما تبقى من غابة أشجار المانجروف في خليج جزيرة تاروت للردم والتجريف، وذلك بعد تسرب معلومات حول صدور قرار من اللجنة الخماسية المُشكّلة للبت في قضايا دفن البحر، بدفن أجزاء من سواحل محافظة القطيف، وقيام شاحنات مجهولة برمي أطنان من مخلفات البناء بطريقة غير نظامية، على أجزاء من غابة شمال تاورت، ما تسبب في القضاء على مجموعة من الأشجار. حماية المانجروف وأوضح رئيس جمعية الخليج الأخضر لحماية البيئة علي شعبان، أن هناك أنباءً متواترة حول صدور قرار الأسبوع الماضي من قبل اللجنة الخماسية، بدفن أجزاء من سواحل محافظة القطيف، وهو الأمر الذي يثير المخاوف على ما تبقى من غابات المانجروف في سيهاتوتاروت وصفوى في محافظة القطيف، لافتاً إلى أن هذا القرار يأتي بالتزامن مع تعرض غابة تاروت لاعتداء بالردم بواسطة مخلفات ونفايات، على الرغم من كونها منطقة موضوعة تحت المراقبة من قبل جهات حكومية، مشيراً إلى وجود أمر غامض أو وجود جهة لها مصلحة في دفن هذه الغابة التي تُعد ثروة وطنية لا تقدَّر بثمن. وذكر شعبان أنه تقدَّم بشكوى لدى محافظ القطيف، طالباً فيها بالتدخل العاجل لحماية أشجار المانجروف في القطيف، لأنها جزء لايتجزأ من تراب هذا الوطن الغالي وحمايتها مسؤولية وطنية وأخلاقية وإنسانية، لابد أن يشترك فيها الجميع، مطالباً بتعويض كل المتضررين من الحفاظ على البيئة بشكل عاجل وتسوير الغابة وجعلها محمية وطنية. التجريف والردم وقال عضو اللجنة الزراعية والثروة السمكية والحيوانية بغرفة الشرقية داوود سلمان اسعيد ل «الشرق» أمس، إن غابة أشجار المانجروف في شمال جزيرة تاروت، تتعرَّض للتجريف والردم من قِبل جهات مجهولة، تقوم برمي الأنقاض والنفايات والمخلفات في الغابة بشكل بطئ وممنهج، ما تسبب في دفن المناطق المغمورة بالمياه والقضاء على مئات الأشجار. وأوضح اسعيد أن هذه الأعمال تخالف القرار السامي رقم 12318 في 11 /7/ 1403ه والمعتمد بموجب الأمر السامي 18618 في 27/ 8/ 1404ه. والقاضي بأن تبقى جزيرة تاروت بدون ردم للمياه المحيطة بعد تشجيرها وإدخال مشاريع التجميل والتحسين عليها لتكون منطقة ترفيهية ومتنفساً لسكان المنطقة الشرقية ونقل ما صدر عليها من منح من المقام السامي إلى بلديات المنطقة الشرقية الأخرى. مخالف للتوصيات وأضاف اسعيد أن التعدي على الغابة يخالف أيضاً توصيات الدراسة البيئية التي أجرتها بلدية محافظة القطيف حول الآثار البيئية لتطوير السواحل في مدينة سيهات، وجزيرة تاروت، التي أكدت على الإبقاء على غابة أشجار المانجروف شمال تاروت، ومانجروف سيهات، وبينت بأن هذه الأشجار نادرة جداً ولها خصائص تميزها عن بقية الأشجار في العالم. واستغرب اسعيد، استهداف الشريط الساحلي المحاذي لغابة مانجورف خليج تاروت من قِبل الشاحانات التي ترمي المخلفات دون غيرها من بقية الأماكن، وهو الأمر الذي يثير الشكوك حول الهدف الحقيقي من وراء هذه الأعمال، مطالباً بتحويل هذه الغابة إلى محمية طبيعية يحرم الاقتراب منها والتعدي عليها، كونها تُعد ثروة اقتصادية ووطنية كبيرة جداً لا تقدَّر بأي ثمن، ويحب تعويض أي متضرر من بقاء هذه الغابة، بشكل عادل ومرضٍ ودون تأخير. ولفت إلى أن أعمال الردم الجائرة التي تعرضت لها سواحل المنطقة الشرقية، ومحافظة القطيف بشكل خاص، بسبب التمدد العمراني باتجاه البحر، تسببت في القضاء على مساحة شاسعة جداً من الحوض الطيني الضحل، الذي يشكِّل بيئة حاضنة للربيان ومئات الأنواع من الأسماك والكائنات البحرية، وكذلك القضاء على أكبر غابة أشجار مانجروف في المنطقة، التي تحتضن دورة من دورات الحياة للكائنات البحرية. شكاوى عاجلة وأوضح نائب رئيس جميعة الصادين في المنطقة الشرقية جعفر الصفواني أنه تقدَّم بشكاوى عاجلة الأسبوع الماضي إلى خمس جهات حكومية، بينها الأرصاد وحماية البيئة والمجلس البلدي، تطالب تلك الجهات بالتدخل السريع لتطبيق القرارات السامية الداعية للحفاظ على البيئة، مبيناً أن ما يجري الآن وما يتوارد على مسامعنا حول نية الردم تجاوز جميع الخطوط الحمراء. القضاء على الثروة البحرية من جانبه قال عضو المجلس المحلي في القطيف سعيد الخباز على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: «لا أريد لنفسي الدخول في مصادمات مع المؤيدين لردم ساحل خليج تاروت، ولا المعارضين له .. لكن، فيما يخص مثل هذا الموضوع الحيوي والمبدئي جداً، لا يمكن أن يقف المرء على الحياد»، مضيفاً «الاستمرار في ردم سواحل خليج تاروت – الذي كان يُعد من أهم الخلجان في العالم لإنبات وتوالد الربيان، والأهم – قطعياً، وبدون منافس – في الخليج العربي، يقضي على ما تبقى من الثروة البحرية الهائلة التي ينتجها هذا الخليج الجميل» وأضاف قائلاً: «إن ردم السواحل لا يقضي – فقط – على غابات المانجروف التي تحتضن صغار الأسماك والربيان، وتكوّن حاضنة طبيعية لآلاف الفصائل الفطرية، بل تقضي – أيضاً – على الشُّعب المرجانية البعيدة نسبياً عن الساحل، فذرات الرمال الصحراوية، تخنق رئة تلك الشعب المرجانية الجميلة من ناحية، والمهمة للثروة السمكية من ناحية أخرى … فتقتلها، وأصحاب الأراضي الواقعة داخل خليج تاروت هم ضحايا سوء تخطيط، أو فساد معرفي (وأنا دقيق في هذه النقطة لكيلا تفسّر بغير مقاصدها)، كما أن الثروة الطبيعية الاستراتيجية هي ضحية لذلك، و إذا تعاطفنا مع أصحاب الأراضي، وسمحنا للردم أن يستمر، فإننا نضحي بمستقبل الثروة الطبيعية لمئات السنين فيما تبقى من خليج تاروت … وسنستورد ما يشبه الهامور من مستنقعات فيتنام … ونبيعه على أنه هامور!». وتأتي تصريحات الناشطين والمهتمين في ذروة الصراع الذي يخوضه الصيادون والناشطون البيئيون إلى جانب عدد كبير من الأهالي، بهدف وقف أعمال ردم السواحل في خليج جزيرة تاروت، وحماية البقعة الخضراء في المناطق المغمورة بالمياه على امتداد ساحل البحر، ابتداء من مدينة سيهات وحتى شرق وشمال جزيرة تاروت، وصولاً إلى شاطئ مدينة صفوى في محافظة القطيف، وهي المناطق التي تحتضن ما تبقى من أكبر غابة مانجروف في العالم. بانتظار الرد بدورها سعت «الشرق» إلى الحصول على رد من المتحدث الإعلامي لأمانة المنطقة الشرقية محمد الصفيان منذ يوم الأربعاء الماضي حول ما أثاره الناشطون والمهتمون بالبيئة، إلا أنها لم تتلق رداً حتى الآن. شاهد أيضاً: * مراحل انحسار المانجروف في القطيف رصف طريق وسط الغابة عمليات زرع المانجروف أثبتت عدم جدواها على نحو فاعل (أرشيف الشرق)