دشنت وزارة الداخلية الجزائرية حملة من أجل حث المواطنين الجزائريين للتوجه بقوة إلى صناديق الاقتراع في الربيع المقبل، وسط هواجس عزوف الناخبين عن المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقررة مايو المقبل، وأرسلت الداخلية ملايين الرسائل القصيرة عبر الهواتف النقالة للمشتركين تشعرهم فيها بأن «الانتخابات مسؤولية وطنية»، وذلك قبل نحو أربعة أشهر من الانتخابات المقبلة. واعترف كل من الوزير الأول أحمد أويحيى ووزير الداخلية «دحو ولد قابلية» أن هاجس الحكومة في الانتخابات المقبلة هو نسبة المشاركة. وبدأت أغلب الأحزاب السياسية إعداد تجمعات شعبية باتجاه قواعدها النضالية لحث المواطنين على المشاركة الانتخابية. ويشكل هاجس العزوف الانتخابي أكبر تحدٍّ تواجهه الحكومة، ذلك أن تأكد عزوف الجزائريين عن صناديق الاقتراع، سيكون إما تعبيراً عن عدم انخراط المواطن الجزائري في مسعى الإصلاح السياسي، أو عدم اقتناعه به بالمرة، أو رفضا لما هو موجود في الساحة الحزبية من أحزاب سياسية قديمة أو جديدة، كانت تنشط أصلا في أحزاب قائمة أو انشقت عنها، وهو الأمر الذي سيربك السلطة من جهة تأثير نسبة المشاركة الضعيفة في مدى مصداقية المسار الانتخابي في البلاد، وكذلك في شرعية هذه المؤسسات المنتخبة، ربما يؤسس لانتخاب عقابي موجه للجميع سواء في السلطة أو الأحزاب السياسية. ويتبادل السياسيون والسلطة التهم عن أسباب العزوف الانتخابي الذي سجل أرقاما قياسية في الانتخابات البرلمانية الماضية، فمن جهتها تحمل وزارة الداخلية الجزائرية الأحزاب السياسية القائمة على عجزها في التسويق السياسي لبرامجها من جهة، واستخدام المال السياسي وترشيح أسماء لا تتمتع بالمصداقية لدى الناخب الجزائري، مما يدفعه إلى مقاطعة الانتخاب، بينما ترى الأحزاب السياسية في الظروف الراهنة من غلق المجال السياسي والإعلامي، والذي يفتح أربعة أشهر قبل موعد الانتخاب فضلا عن إقصاء المعارضة خلال سنوات، وإفساح المجال أمامها للتعبير في الوسائل الإعلامية المهمة قبيل موعد الانتخابات. ويشبه بعض المراقبين عملية عزوف الناخبين عن الانتخاب بإجراء «مقابلة بدون جمهور»، ويرى هؤلاء أن حديث الأحزاب المستمر والمتكرر عن التزوير، وأن الانتخابات محسومة سلفا كما يجد نفسه أمام انتخابات دون رهانات تذكر كلها عوامل من شأنها توجيه رسالة للناخب الجزائري مفادها «لا تذهب للانتخاب» مما يطعن في مصداقية هذه الأحزاب في الاستماتة في الدفاع عن مصالحها وعن من أعطاها أصواتهم. وتأكدت خلال السنوات الماضية مدى عزوف الجزائريين عن المشاركة في الانتخابات وعدم انخراطهم في الحياة السياسية، وتحولت اهتمامات المواطن إلى تحسين وضعه الاجتماعي والمعيشي في إطار الاحتجاجات الاجتماعية، التي تؤطرها النقابات المهنية في شبه طلاق بينها وبين الأحزاب التي تتهمها هذه النقابات بإدارة ظهرها للعمال حفاظا على امتيازاتها. وأشارت تقارير لاستقصاء الآراء أن المقاطعة في الانتخابات المقبلة ستتجاوز نسبة 80 %.