تنتاب شارع الفن المصري في هذه الفترة حالة من الغموض والتخبط الشديد، خاصة بعد أن سيطرت التيارات الدينية على مقاعد مجلس الشعب، ممثلة في حزبي «الحرية والعدالة»، و«النور»، وهو ما دفع صناع الفن المصري إلى البوح بتوقعاتهم وتصوراتهم عن مستقبل الفن، خصوصاً من اتسم منهم بالجرأة في تناول قضايا أفلامهم. المخرجة إيناس الدغيدي كانت أول من رفعت راية العصيان والتمرد على كل مفاهيم الأحزاب الدينية، قائلة «مهما حصدت التيارات الدينية من مناصب ومسؤوليات فلن أغير مبادئي وأفكاري خوفاً منهم، أو لأنال رضاهم، وسأقف في وجه هذه التيارات حتى لو دفعت حياتي ثمناً لأفكاري، فللشعب المصري خصوصية يتفرد بها عن كل شعوب العالم في تذوقه للفنون». أما المخرج يسري نصر الله فتوقع حدوث صدام حتمي بين تلك التيارات الدينية وصناع الفن، وقال «سيسير هذا الصراع في ثلاثة اتجاهات، أولها الحريات السياسية، وثانيها السينما والفن، وثالثها الحرية الشخصية، مشيراً إلى أن الصدام في أي من هذه الاتجاهات لن يقابله إلا التمرد والعصيان، ليس من قبل الفنانين فقط، بل من الشعب المصري كله». ورسم رئيس جهاز الرقابة على المصنفات الفنية د.سيد خطاب تصوراً بانورامياً لمستقبل الفن في مصر، معتمداً على معاناة المبدعين وتخبطهم نتيجة عدم إدراكهم للقواعد الاجتماعية الجديدة التي من الممكن أن تتقبلها تلك التيارات الدينية، وقال «من جهة الإخوان، أتصور أن لديهم من الذكاء ما يمنعهم من الدخول في صدام مبكر مع صناع الفن لمحاولة كسب الفنانين في صفهم، أما المبدعون أنفسهم فسينقسمون إلى فرق، الفريق الأول سيكتفي بترقب الجمهورالجديد في ظل حكم جديد وعادات وتقاليد جديدة، والثاني سيقدم أعمالاً جريئة صادمة بهدف قياس رد الفعل المبدئي لدى الجماهير والتيارات الحاكمة معاً، أما الفريق الثالث فسيحاول تحقيق الموازنة، أو إمساك العصا من المنتصف، بتنفيذ أعمال تلتزم قليلاً بعادات وتقاليد المجتمع المصري، والشرقي عامة، حتى يرضي جميع الأطراف». أما الفنانة منى زكي فأعلنت تمسكها بتقديم فن جيد، بغض النظر عن قيود التيارات الإسلامية، وقالت «لست خائفة على الفن المصري، لأن مصر مليئة بالعقول المتفتحة والمستنيرة التي تقدر أهمية الفن، ولهذا لا نريد المبالغة في الخوف من التيارات الدينية، لأن مصر ليست ملكاً لأحد دون الآخر، ولن نسمح لأحد أن يحتكرها، لذا فإنني لن أتراجع عن تقديم الفن الجيد، مهما كانت القيود، ومهما زادت الضغوط، ولابد أن ينتصر الإبداع في النهاية، لأن حرية الإبداع هي إحدى أهداف ثورة يناير». إيناس الدغيدي