الرياض – حسين الحربي على الجهات المختصة بالفنون تقديم فرص التعريف بنتاج المبدعات تجربتي مليئة بالتحديات.. ومعرضي في أمسية «البدر» لم يكن هامشاً حينما لا أشعر برغبة في الكلام أدرك أني بحاجة إلى الحديث مع صفحة بيضاء ترى الفنانة التشكيلية منال الرويشد أن الفن التشكيلي في المملكة لا يحتاج للتحريض، بل إلى «خطط وبرامج تقدم فكر وثقافة التشكيل السعودي على المستوى المحلي والخليجي والعربي والدولي». وتشدد الفنانة الحاصلة على شهادة الدكتوراة في الفلسفة في التربية الفنية تخصص «تصميم» من جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن عام 2011م، على أن المرأة السعودية متفوقة في مجال الإبداع، واستطاعت عديد من الفنانات تخطي تحديات؛ لتقدم ثقافتها وأهليتها في بعض الأدوار المنوطة بها، لافتة إلى أن المعوقات التي تواجه التشكيليات السعوديات غير مرتبطة بالإبداع ذاته، بل بتقديم فرص التعريف بهذا الإبداع من قبل الجهات المعنية بالفنون. وتقول في حوار مع «الشرق»، تحدثت فيه عن الفن التشكيلي في المملكة وعن رحلتها فيه، إنها بدأت الرسم منذ أن كانت طفلة بدعم من أسرتها، خاضت بعدها تجربة مليئة بالتحديات وحفها شيء من المعاناة.. فإلى نص الحوار: حاجة للتخطيط * المتأمل في الساحة التشكيلية السعودية يكتشف أنها لا تملك محرِّضات الفعل الفني التشكيلي المؤثر، لا داخلياً ولا خارجياً. - لا نحتاج للتحريض في الساحة التشكيلية، نحتاج إلى خطط وبرامج تقدم فكر وثقافة التشكيل السعودي على المستوى المحلي والخليجي والعربي والدولي، وبشكل سنوي ومستمر ومتنوع في اختيار المثقفين والمثقفات من المشاركين. بروز التشكيل * دور الفن التشكيلي وتأثيره على المجتمع السعودي برز على أيدي رواد أوائل مثل عبدالحليم رضوي، محمد السليم، صفية بن زقر، منيرة الموصلي، وأسماء أخرى لا يمكن أن تنسى، فهل الجيل الذي تلاهم يمتلك قدرات فنية عالمية؟ - الفن التشكيلي برز على يد كل مبدع صادق في تعبيره، وعلى يد كل مثقف قدم الفن التشكيلي وسعى للرقي به، من خلال المشاركة في المعارض داخل المملكة وخارجها، وكذلك في المجال المنبري لطرح قضايا الفن التشكيلي، أو التعريف بالأجيال، والجهود، والعلاقة بين الرواد والأجيال التي تَلتْهم. إبداع المرأة * ما المعوقات التي تمنع المرأة السعودية من الإبداع أكثر وأكثر؟ - في الغالب السعودية متفوقة في مجال الإبداع ولدينا نماذج مشرقة في مختلف مناطق المملكة، وقد استطاعت عديد منهن تخطي كثير من التحديات لتقدم ثقافتها وأهليتها في بعض الأدوار المنوطة بها، ومن ناحية المعوقات، في رأيي، أنها لا ترتبط بالإبداع ذاته، وإنما بتقديم فرص التعريف بهذا الإبداع من قبل الجهات المختصة بالفنون التشكيلية. * ما رأيك في أعمال الفنانات الشابات؟ - أعمال الشابات السعوديات التشكيليات متنوعة بين مهارات الأداء والمواضيع والاتجاهات. بداية الرحلة * كيف بدأت رحلتك مع الرسم؟ من أعمال منال الرويشد - بدأت الرسم منذ الطفولة بدعم أسري، وكنت أرسم في أوراقي وكراستي بشكل دائم، وقلَّدت رسوم قصص الأطفال التي كان يوفرها لي والدي من مصر ومن جدة ومن الرياض، ورسمت من خيالي على الجدران والأوراق والكراتين والأقمشة، وفي المدرسة كانت كل أعمالي تعرض على جدران المدرسة وفي المعارض المدرسية، وفي فترة الدراسة الجامعية بدأت رحلة جديدة وخبرات متنوعة حول الخامات والأدوات، ومستوى الأداء للخامات، وتمكنت من استشراف ثقافات مختلفة في الفنون التشكيلية، وفي العلاقة بين الفنون والتربية، وارتبطت بالتدريس، وأعطيت التربية والفن حقهما، ثم انتقلت إلى الإشراف التربوي بخبرة تدريس ما يقارب الثلاث سنوات، وكان أول معرض تشكيلي شاركت فيه معرض تكريم رسام الكاريكاتير الأستاذ علي الخرجي. * متى كانت الانطلاقة الحقيقية في هذا المجال؟ - بعد أن شاركت في معرض الخرجي، شاركت في معرض مجموعة الفنانات التشكيليات السعوديات لمنطقة الرياض، وبعدها كانت الانطلاقة الحقيقية كعضو مؤسس وفاعل في الحركة التشكيلية بتنظيم وإعداد معارض ولقاءات وأمسيات ثقافية في مجال الفن التشكيلي، وشاركت في معارض داخل المملكة وخارجها، ومثَّلت المملكة ووصلت إلى مرحلة انتخابي كعضو مؤسس في مجلس إدارة الجمعية السعودية للفنون التشكيلية، والآن رئيس وعضو في مجموعة الفن الرقمي، ومجموعات أخرى لعدد من الزملاء والزميلات في مناطق المملكة، وكل خطواتي ولله الحمد ناجحة، وأعتبر نفسي عصامية في الوسط التشكيلي، اجتهدت وعملت وقدمت الأعمال الفنية ونظرت في عدد من المحافل والأنشطة. * هل عانيتي حتى وصلت إلى ما وصلت إليه؟ - تجربتي وإن حفها شيء من المعاناة، فهي تجربة مليئة بالتحديات التي كانت نتائجها مضيئة. * آخر معرض لك كان معرض على هامش أمسية الأمير بدر بن عبدالمحسن.. ماذا يعني لك كل هذا؟ - المعرض أساسي، ولم يكن على هامش الأمسية، وكانت الفكرة عمل برنامج لتكريم «البدر»، كأول رئيس للجمعية السعودية العربية للثقافة والفنون، يشتمل على عدد من المحاور تجمع بين معرض يعبر عن قصائد البدر، وأمسية ل «البدر»، وعرض مسرحي للوحات مع القصائد المغناة، وهذه المشاركة تعني لي شيئاً كثيراً، فهي أشبه بحلم جميل تحقق، فقصائد «البدر» وقود جميل للمشاعر والأحاسيس، وإحساسه يصل للأعماق، فيحرك ما بداخل التشكيلي، حتى يتجلى بوجدانه، ويعبر بالألوان في رسم حروف «البدر»، وبذلك جاءت مشاركتي تجمع بين وَجْد شاعر ووجد تشكيلية، وأنا راضية كل الرضا، وأشكر كل القائمين على هذا المعرض في الجمعية، كفكرة وتنظيم وتنفيذ لأنه بحق كان معرضاً استثنائياً. * ما الذي يثيرك كفنانة تشكيلية ويحرك مشاعرك ويدفعك لقول ما تريدين من خلال الريشة والخامات؟ - حالة لا أعلم ما هي، في الغالب تكون حينما لا أشعر برغبة في الكلام، وإنما أشعر بحاجة للرسم وبرغبة في الحديث مع صفحة بيضاء، وحينما أنتهي أشعر بأنني قلت لها كل شيء، ويصعب عليَّ تسميتها، وأحياناً أشعر بأن لديَّ كثيراً لم أقله، وأن اللوحة تسمعني وتنتظر أكثر. لدي لوحات كثيرة عبارة عن تجليات وأفكار وأحلام وأمانٍ، وبعضها لم أعرضها لأحد، ولديَّ أعمال تعبر عن حالات من الألم، وحالات من الحزن، وأخرى من الفرح، ومن الأمل، ولدي أعمال مخطط لرسمها، وأعمال أعتبرها من أعماقي، قِطعٌ مني، ومن مشاعري وأحاسيسي، ومن رغباتي واحتياجي، ومن شوقي وحنيني. علاقة الجمهور * ما رأيك في العلاقة بين الجمهور والفن التشكيلي في المملكة؟ - الجمهور متنوع؛ هناك من لا يعنيه التشكيلي، وهناك من يهتم به ويسعى إليه. فهناك جمهور متذوق للفنون بشكل عام فيسعى لمتابعته وزيارة الأماكن المخصصة للفنون التي يأتي إليها نخبة من المهتمين وبعض الأصدقاء والمعنيين بالفن التشكيلي، وفي رأيي أنه لابد أن يسعى الفنان إلى الوصول إلى أكبر شريحة من الجمهور بمختلف مستوياته، وهذا ما فعلته، عرضت في المتحف الوطني وفي مكتبة عامة وفي الأسواق التجارية الكبرى، وعرَّفت باللوحة التشكيلية الرقمية لشريحة عريضة من الجمهور، واكتسبت علاقات واسعة، وكان الوصول للجمهور مهماً، وهو من أكثر ما عُنيت به مع عضوات مجموعة الفن الرقمي في كثير من نشاطات المجموعة، ونجحنا بحمد الله وفضله، في اختيار أماكن العرض والتوقيت الذي يراعي ظروف الجمهور في أوقات الامتحانات الرسمية والإجازات. تجريب المفاهيم * هل صحيح أن على الفنان أن يبدأ بالمدرسة الواقعية حتى تكون لديه مرجعية لأسس اللون وتكوين لوحته؟ - الفنان عليه أن يحاول ويجرب ويدرس المفاهيم والأسس التي تمكِّنه من التعبير عن المفردات أو علاقات اللون ونظرياته وفلسفته وتأثيراته، فتكوين اللوحة لا يكفي بالدراسة، ولا يكفي التمكن من الأداء، هناك ما يعرف بإحساس الفنان، وحاسته السادسة، ونظرته ورؤيته الخاصة، وإذا اجتمع التأسيس العلمي مع المهارة والأداء والإحساس كان التجلي بجماليات تعيش زمناً طويلاً وتنتقل من جيل إلى جيل، ومن بلد إلى بلد، ومن ثقافة إلى أخرى. * أيهما تعتبرينه الأهم، الفن الواقعي، أم الفن التجريدي؟ - هذا السؤال لا أجد إجابة له، غير أنهما اتجاهان يمارس كل فنان الأداء من خلالهما، والإبداع في تجليات كل فنان يجعل أحدهما أفضل من الآخر، وفق تعبير الفنان ذاته. عمل لمنال الرويشد