عايض الميلبي ثمة خلط ولغط يحدث حينما يتم تسليط الضوء على مثالب بعض المتدينين؛ ومرد ذلك أن كثرا من عامة الناس يربط الشخص المتدين بالدين بطريقة خاطئة، إذ إن الصورة الذهنية التي تشكلت لدى هؤلاء تعطي الدعاة والوعاظ قدسية معينة تختلف عن سائر البشر، تجعلهم بعيدين عن دائرة الزلل والخطأ. وهذا تصور سقيم لمن يعلم أنه لا عصمة لأحد بعد وفاة سيد المرسلين محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، ثم إن الدين الإسلامي الحنيف ليس حكرا على فئة بعينها كي تمثله بل هو عام للناس على اختلاف أماكنهم وعصورهم. إن البرامج والمسلسلات الكوميدية مثلا تقدم مواد فكاهية تحمل في طياتها انتقادا لواقع ما أو ظاهرة مجتمعية سلبية، فنجد أن أداء الأفراد في مختلف الجهات عرضة للنقد، وهذا أمر طبيعي إذا ما علمنا أن أي جهد بشري لابد أن يعتريه النقص مهما حاول صاحبه وأعطى وبذل. وفي مثل هذه الحالة نلاحظ تقبلا لهذا الطرح من قبل المتابعين وكذلك من قبل الجهة التي وجه لها النقد. لكن الوضع يختلف لو ارتأى أحد الممثلين الإشارة لسلبية تخص -وهذه المرة سوف أقول- من يسمون بالمتدينين؛ لأننا -ولله الحمد والمنة- كلنا مسلمون نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله؛ حيث إن من يبارك تقويم السلبيات بانتقادها سوف ينقلب على عقبيه ويرى أن ما فعله الممثل جرم وخطأ جسيم بحق الدين رغم أن ما تم طرحه عبر التلفاز أو المذياع أو غيره لم يقترب من الدين بل اقتصر على سلوكيات وتصرفات الشخص بعينه. ومن الحيف أخذ المرء بجريرة لم يقترفها وإثارة الرأي العام ضده لمجرد أنه ينتقد تصرفات فردية لأشخاص ليس إلا. لنعلم أن الإنسان بجوهره وليس بمظهره، وبأفعاله وليس بأقواله، وكل منا عرضة للوقوع في الخطأ ولكن باب التوبة مفتوح لمن أراد التوبة والإياب. وعلينا أن ننزل الأشخاص في منزلتهم الحقيقة ونحْذر من الغلو في ذلك حتى لا نقع في حرج الانسياق خلف العواطف ونغفل تحكيم العقل والضمير. وأيضا علينا عدم الخلط بين الشخص والسلوك والدين.