بعد نجاح المرحلة الأولى من تصحيح أوضاع العمالة المخالفة صدر أمر سام بتمديد المسيرة لتطهير الوطن من مخالفي نظام الإقامة والعمل، فقد صححت المرحلة الأولى وضع ما يزيد على 451 ألف عامل. حين أستخدم كلمة تطهير فأنا أعني ما أقول. فكثير من هؤلاء يحتاج لتطهير فعلا، المهلة الأولى التي انتهت وكان المجتمع السعودي حينها يعد الليالي ليلة بعد ليلة؛ ليعيش نتائج هذا الحلم واقعا وحقيقة. الإحصائيات غير المؤكدة و الأقرب إلى الواقع تشير إلى وجود أكثر من ثلاثة ملايين قنبلة موقوتة تعيث في وطني فسادا. خطر اجتماعي واقتصادي وأمني بالدرجة الأولى، وله تبعات سياسية إن لم تعالج جذور المشكلة الكارثية، وما حصل ويحصل في بعض الدول الخليجية أنموذج واضح. الحملة المباركة التي جاءت انتصارا للوطن كانت بتوجيهات مباشرة من خادم الحرمين – حفظه الله – لأنه يعي جيدا خطر هؤلاء، وبمتابعة وإشراف وزير الأمن الشاب المحبوب محمد بن نايف – سلمه الله – الذي لم يغب عنه أهمية معالجة هذا الملف الخطر، وهذا الجرح النازف في وجدان الوطن، لو يعلم القارئ ما أحدث هؤلاء من أضرار للوطن لما (طنطن) بعض المرتزقة من أدعياء الوطنية ضد هذه الحملة في بدايتها، وكأن الوضع السابق كان مثاليا جداً. فلو زاروا أقسام الشرط واطلعوا على الإحصائيات لأدركوا حجم المعاناة الوطنية، ومن حق أية دولة ذات سيادة أن تمارس تطبيق القانون على أراضيها، وتحمي شعبها من أسراب المخالفين، لو علم بعض الجشعين بحجم الهدر لمقدرات الوطن نتيجة ما يعيشه هؤلاء من تنسيق ممنهج بينهم، واتفاقات غير معلنة لاختطاف السوق السعودية، وهو ما يمارسونه منذ عقود لخجل من أن يعترض على وطن يتطهر. استفز بعض الناس -هداهم الله- مشاعر إخوانهم المباركين لحملة التطهر هذه، حين تحدثوا عن رغبتهم في التمديد لفترة التصحيح التي منحها أبو متعب -أيده الله وسدد على الخير خطاه- وكأن ثلاثة أشهر لا تكفي، بينما يرى المراقبون أنها تكفي وتزيد لمن أراد أن يصحح وضعه ويتبع أنظمة الإقامة والعمل في دولة ذات سيادة. فخطر هؤلاء لا يقتصر على اختطافهم السوق السعودية، وكون كثير من النشاطات التجارية الموجودة في الأسواق والمحلات المختلفة تعود ملكيتها لهم، ويمنحون السعودي الكفيل بعض ما تجود به أنفسهم نظير عقوقه الوطني، ومشاركته في جريمة اختطاف السوق المحلية والمساهمة في نشر الجريمة، وزيادة نسب الجريمة المنظمة. المقيم النظامي والمشارك في التنمية في هذا الوطن، الذي أصبح بحمد الله ورشة عمل هي الكبرى على مستوى العالم، هو مرحب به إن كان الوطن يحتاج إليه، ولا يوجد سعودي في تخصصه أو مهامه التي يقوم بها لرقي الوطن وتقدمه وازدهاره. فكم شارك في بناء الوطن إخوة لنا في الدين أو العروبة أو الإنسانية دونما استهتار بنظام البلد، أوعدم احترام لقوانينه، وتطبيق التعليمات بالعمل لدى رب العمل الذي قدم للعمل لديه. فمن يلمحون اليوم إلى أن الأسبوعين المتبقيين لايكفيان، هم إما واهمون، وإما مستفيدون من الهدر وغياب النظام، وسرقة ثروات البلاد عن طريق متسترين انعدمت فيهم روح الوطنية وأخلاقيات الإنسان السعودي. من كان يريد تصحيح وضعه بجدية يستطيع وقد فعل بعضهم. تم تصحيح وضع ما يزيد عن نصف مليون، وهذا إنجاز جيد، ولكن هناك أربعة أو خمسة أضعاف هذ الرقم لايزالون يختبئون في جحورهم طمعا في تساهل السلطات المحلية، وبمرور الأيام يعود الوضع إلى سابق عهده. لكنني أقول إن الشباب السعودي الواعي لخطر هذه العمالة التي نستطيع الاستغناء عنها، ولسنا في حاجة لها فعليا، قد أخذوا على عواتقهم أن تكون هذه المرة حملة مستمرة جادة ومعركة كسر عظم مع أعداء الوطن من الجشعين من بعض أبنائه المتسترين الذين يخالفون بهذا أمر الله الذي أمر بطاعة ولي الأمر، وتنفيذ أوامره فيما يرضي الله، وينفع الناس من استعادة السوق السعودية المختطفة ومعالجة الآثار الاجتماعية السلبية التي أحدثها هؤلاء في مجتمعنا حتى أصبح بعضها يصل لمرحلة الظاهرة. كلٌ سيتكاتف، رجال الداخلية البُسلاء، ممثلين في الجوازات، ووزارة العمل. والمواطنون المتعاونون الذين سيبلّغون عن أي مخالف، ونحن هنا في الإعلام السعودي حيث سنكتب ونظل نكتب ونناشد المسؤولين أن يتقوا الله في الوطن وأهله، فالأمر جلل، والخطر كبير. أخيرا رسالة من القلب بصدق أنقلها لسمو رجل الأمن الأول المحبوب محمد بن نايف، يا سيدي إن أمن الوطن وأمننا الاقتصادي والاجتماعي بين يديك وأمانة في عنقك، فلا تأخذك في الحق لومة لائم. ولوزير العمل الذي يعلم أننا كصحفيين مؤتمنون على نقل نبض الشارع للمسؤول، نقول لا تفكر في إعطاء يوم واحد مهلة إضافية إلا لمن أراد المغادرة بسلام، فتمديد المهلة جريمة في حق الوطن لا نقبلها ولا نرضاها. وليوفقكم الله لتحرير اقتصادنا واستعادة النظام الذي ذهبت هيبته، فالشعب لايريد التمديد، والمواطن يريد تطبيق النظام.