الشعر مشاعر وخيال قبل أن يكون لغة، ومن يمتلك موهبته يستطيع إيصالها بأي لغة ووسيلة ما دام متمكناً من أدواتها، والشعر العامي المحكي أحد وسائل إيصال المشاعر إلى الناس باللهجة التي يتواصلون بها، وهو لا يشكل خطراً على اللغة بقدر ما يشكل رافداً لها خاصة أن شعراء (الشعبي) يكتبون لغةً بيضاء ترتقي بالمحكي ومفرداته إلى مقام الفصيح. وهناك شعراء فصحى يجيدون الكتابة بالفصحى والعامية. والمفاجأة أن أحد من كتبوا الشعر العامي الغنائي هو أشهر من خدم اللغة العربية وعميد الأدب العربي طه حسين. ففي كتاب «مشاهير وظرفاء القرن العشرين» الذي أعده ووثّقه هاني الخير ورد أن لجنة الموسيقى في المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية أرادت إحياء ذكرى أعلام الموسيقى في مصر كامل الخلعي وسيد درويش وداود حسني بنشر تراثهم وأعمالهم، فقدّم لهم زوج ابنة كامل الخلعي مجموعة من الأغاني التي يحتفظ بها عمه الراحل في أرشيفه، وفوجئ أعضاء اللجنة بأحد كتاب هذه الأغاني، وقد كُتب على العمل «من تأليف الشيخ طه حسين»،ومن كلمات الأغنية: أنا لولاك كنت ملاك غير مسموح أهوى سواك سامحني في العشاق أنا مشتاق أبكي وانوح بالأشواق صدّقني عهدك فين نور العين بالمفتوح تهوى اثنين جاوبني