الرياض – فهد الجهني معتقلون يحذرون الشباب السعودي من تغليب العاطفة والحماس والدة السجين ماجد: تلقيت أول اتصال من ابني بعد ثماني سنوات سفارة المملكة في عمّان والجمعيات الحقوقية تربط السجين بذويه الحربي: أخي منصور اختفى فجأة ثم هاتفنا من العراق أجمع المعتقلون في العراق وذووهم الموجودون في المملكة على اعتبار الفتاوى غير المسؤولة وتغليب الحماس سببين أساسيين في أن يقبعَ العشرات من الشباب في السجون العراقية. ودعا عددٌ من ذوي المعتقلين، الذين تحدثت «الشرق» معهم، الشباب السعودي إلى عدم الانسياق وراء فتاوى لا يعلم أحدٌ ما يمكن أن يقعَ بسببها من محن. حماس ماجد ماجد البقمي والدة ماجد، أحد السجناء السعوديين في العراق، قالت ل «الشرق» إنَّ ابنها معتقلٌ منذ عشر سنوات بعد أن حُكِم عليه بالسجن لمدة 15 سنة بتهمة تجاوز الحدود بين المملكة والعراق. وأكَّدت أم ماجد أنَّها لم تسمع صوت ابنها على مدار خمس سنوات حتى أقنعت نفسها أنه تُوفِّي إلى أن هَاتَفَهُم، وأوضحت أنَّ الأمراض تكالبت عليها وأنَّ كل ما تريده «رؤية ماجد»، مناشدةً خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز، التدخل لإطلاق سراح ابنها. أما شقيقه إبراهيم الغامدي فقال، إنَّ ماجد اختفى قبل عشر سنوات، وأكمل: «سافر للمدينة المنورة لكنَّ أثرَه اختفى، وبعد أربعة أشهر حدثنا من العراق ثم انقطع الاتصال به، وبعد ستة أشهر وصلتنا رسالة من الصليب الأحمر في الكويت أنَّه تمَّ القبض عليه وأنَّه في السجن، ثم تلقينا أول اتصال منه بعد 8 سنوات». وذكر إبراهيم أنَّ القوات الأمريكية قبضت على أخيه في نقطة تفتيش في مدينة الرمادي، وتم إيداعه في سجن أبوغريب ومكث فيه 3 سنوات، وهو من ضمن الذين تمَّ تعذيبُهم من قِبَل الأمريكان في السجن. وكان ماجد دخل العراق عن طريق سوريا ومكث فيها أسبوعين. واعتبر إبراهيم أنَّ أخاه أخطأ وأضاع 10 سنوات من عمره داخل السجون العراقية، داعياً شباب المسلمين إلى عدم تغليب العواطف في أمور لا يعرف أحدٌ عواقبَها، ومشدداً على ضرورة طاعة أولي الأمر وعلماء المسلمين في هذه المسائل. وبيَّن أنَّ أخاه (34 سنة) لم يكن من ذوي التوجهات الفكرية، وأنَّ ما دفعه للذهاب إلى العراق هو الحماس وما عرضته بعض القنوات التليفزيونية عن تعرض فتيات عراقيات للتعذيب وهتك الأعراض. اختفاء مفاجئ مازن الحربي أما سليمان الحربي فذكر ل «الشرق» أنَّه تم القبض على أخيه منصور، الذي كان وصل العراق عن طريق سوريا، في شهر رمضان من عام 2004 خلال أحداث الفلوجة. وأكَّد الحربي أنَّ أخاه اختفى فجأة «وإذا به يهاتفُهم من العراق، ثم انقطع الاتصال به إلى أن وصلتهم رسالة عن طريق الصليب الأحمر في الكويت تفيد بالقبض عليه». وأوضح الحربي أنَّ أسرته ترسل طرود المأكولات والملابس لأخيه كل شهر عبر البريد السريع إلى سجن سوسة في كردستان. وطالب الحربي بتجاوز الخلافات المذهبية والشعارات الطائفية عند التعرُّض لقضية السجناء السعوديين في العراق كون الأمر إنسانياً. مأساة أم محمود الشريف من جانبها، أوضحت أم فهد، معتقل في العراق، أنَّ ابنَها الوحيد معتقَلٌ منذ 10 سنوات ومحكوم عليه بالسجن 15 سنة بتهمة تجاوز الحدود. وسردت أم فهد، التي تعاني جلطة وفشلاً كُلوياً، قصة ذهاب ابنها إلى العراق فقالت «كان يعمل في مكة وفجأة قال لي إن الشرطة ستقوم بندبه إلى الرياض في دورة لمدة أسبوع، ثم هاتفني من العراق وانقطع الاتصال بيننا إلى أن وردتنا رسائل عن طريق الصليب الأحمر بعد 3 أشهر من الانقطاع بأنه في السجون». وتابعت «استمرت تصلنا الرسائل عن طريق الصليب الأحمر كل عدة أشهر إلى أن وردني أول اتصال مباشر منه قبل 4 سنوات، وعلمت أنه تعرَّض للتعذيب والتنكيل على يد الأمريكان». وتحدثت أم فهد عن نفسها قائلةً إنها «طاعنةٌ في السن، تعاني من جلطه ومرضٍ في الكُلى وسوءٍ في الأحوال الاقتصادية»، وأضحت أنَّ والد فهد تُوفِّيَ قبل 4 سنوات وأنَّها تتمنى رؤية ابنها قبل وفاتها مناشدةً خادم الحرمين التدخل، ومحمِّلةً من كان السبب في ذهابه للعراق المسؤولية عما وقع له. رغبةٌ في العودة محمد العماري ويطالب عددٌ من السجناء السعوديين في العراق بتفعيل اتفاقية تبادل المحكومين بأحكام سالبة للحرية بين الرياض وبغداد في أسرع وقت حتى يعودوا لوطنهم. وأشار السجناء، الذين تحتفظ «الشرق» بأسمائهم، إلى تعرضهم للتعذيب والتنكيل بهم داخل السجون العراقية دون أي مسوِّغ قانوني، محذرين الشباب السعودي من الاندفاع خلف الفتاوى غير المسؤولة وتغليب العاطفة. وقالوا «إنَّ الفتاوى غير المسؤولة حمَّلتهم ما لا يُطيقون فشعروا بالندم بعد فوات الأوان». طلاق أم معتقل سليمان الحميدان وتحكي أم أحد المعتقلين أنَّ زوجها طلَّقَها بسبب ذهاب ابنها إلى العراق، وبرَّرَ قرارَه برغبته في عدم الوقوع في مشكلات أمنية، مبيِّنة أنَّ ابنها، وهو الوحيد، ذهب إلى العراق قبل عشر سنوات. أما شقيق أحد المعتقلين في العراق منذ 2004 فرفض الحديث ل «الشرق» معللاً ذلك بعدم جدوى الحديث في هذا الموضوع، ومتهماً الإعلام بالمزايدة دون حل القضية. دور الحقوقيين لعب الحقوقيون دوراً في متابعة قضية السجناء في العراق والتواصل مع أسرهم وتقديم الدعم القانوني لهم. وأكَّد رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، الدكتور مفلح ربيعان القحطاني، أنَّ الجمعية تتابع الملف منذ بدايته وتتواصل مع ذويهم وتقدم لهم المشورة وتنسق في ذلك مع الهلال الأحمر والصليب الأحمر والسفارة السعودية في الأردن التي تتولى الملف. ثامر البليهد في السياق نفسه، قال رئيس لجنة المعتقلين السعوديين في مجموعة الجريس للمحاماة، ثامر البليهد، إنَّ المكتب يطالب بالإفراج عن 60 سجيناً سعودياً في 14 سجناً عراقياً، وبالتواصل المباشر مع السجناء، وبالتواصل مع وزارات العدل وحقوق الإنسان والداخلية في العراق، وبمتابعة سير المحاكمات وتوكيل محامين للترافع عن المعتقلين. وقدَّر البليهد، في تصريحٍ ل «الشرق»، عدد السجناء الذين ساهمت مجموعة الجريس للمحاماة في الإفراج عنهم ب 8 خلال 6 أشهر، وذكر أنَّ المجموعة تعقد اجتماعاً شهرياً مع ذوي المعتقلين لتزويدهم بالمستجدات وإيصالهم بالجهات المعنية وذات العلاقة. وتابع «رتبنا لقاء الأهالي برئيس الشؤون الخارجية في الهلال الأحمر، الأمير بندر بن فيصل، والسفير السعودي في الأردن، فهد الزيد، ومسؤول الملف في السفارة العراقية بالرياض معد العبيدي». وأفاد البليهد بأنَّ لكل معتقل ملفاً خاصاً لدى «الجريس» يضم معلومات عنه تشمل تاريخ اعتقاله ووضعه القانوني وحالته الاجتماعية وحالته الصحية والنفسية ومؤهله الدراسي وفي أي سجن يقبع. ولفت إلى أنَّ لجنة المعتقلين تقدم الخدمات لذويهم مجاناً باعتبار أنَّ القضية إنسانية وطنية، مضيفاً أنَّ اللجنة توفر التهيئة النفسية للمفرج عنهم وترتب إجراءات سفر الأسر لزيارة ذويهم، مشيراً إلى تعاون كبير من وزارة الداخلية «فلها أيادٍ بيضاء في هذا الملف، حسب تعبيره. متابعة من السفارة د. حمد الهاجري كُلِّفَت السفارة السعودية في الأردن بمتابعة المعتقلين في السجون العراقية والتواصل معهم ومع ذويهم والدفاع عنهم أمام المحاكم من خلال توكيل محامين ومخاطبة المسؤولين عن هذه القضية ومد جسور التواصل مع السجناء والوقوف على احتياجاتهم، كما قامت مؤخراً بصرف نقود لأكثر من عشرين سجيناً في سجن سوسة بإقليم كردستان. كما التقى السفير السعودي في الأردن، فهد الزيد، بذوي المعتقلين في الرياض، فيما أفاد نائبه، الدكتور حمد الهاجري، بأنه تم تعيين شخص في السفارة مختص بملف السجناء السعوديين في العراق والتواصل معهم ومع ذويهم. وأشار الهاجري إلى أنَّ السفارة تتعامل مع المحامين ومكاتب الاستشارات في العراق فيما يخص السجناء السعوديين، لافتاً إلى أنه تم إيصال النقود ل 22 سجيناً سعودياً، في شمال العراق، في وقتٍ سابق. الهلال الأحمر ينتظر فؤاد بوابة وكان رئيس الشؤون الخارجية في الهلال الأحمر السعودي، الأمير بندر بن فيصل، قال في تصريحٍ سابق نشرته «الشرق»، إن الجانب السعودي خاطب اللجنة الدولية للصليب الأحمر كي تطالب الجهات العراقية بأن تسمح بقيام 11عائلة من عائلات السجناء السعوديين في العراق بزيارة ذويهم الموجودين في سجن سوسة الواقع بإقليم كردستان. وأضاف أنه كان من المقرر أن تتمَّ زيارة 28 سجيناً سعودياً في سجن سوسة من قِبَل ذويهم إلا أن السلطات العراقية نقلت 17 منهم إلى سجون أخرى بدعوى وجود دعاوى قضائية ضدهم تتعلق بالإرهاب، فيما تبقى 11 منهم في سوسة سيتم نقل عائلاتهم بطائرة خاصة من قِبَل الهلال الأحمر لزيارتهم بمجرد وصول الموافقة. بدوره، اعتبر المدير الإقليمي للإعلام والنشر في الصليب الأحمر، فؤاد بوابة، أنَّ اللجنة الدولية للصليب الأحمر تحرص على التواصل الأسري بين السجناء السعوديين في العراق وذويهم في المملكة بالتنسيق مع الهلال الأحمر السعودي لإيصال رسائل مكتوبة تتضمن أخباراً عائلية بين السجين وذويه. وكشف، في تصريحٍ سابق نشرته «الشرق»، عن حواراتٍ غير معلنة بين اللجنة الدولية للصليب الأحمر والسلطات العراقية بهدف تحسين ظروف المعتقلين. سجن بوكا في البصرة